English French German Spain Dutch

rif category

قيم هذا المقال

0

  1. الحسيمة تواصل تصدر قائمة المدن الاكثر غلاء (0)

  2. الرد القمعي للجزائر على مطالبات القبايليين (0)

  3. الحسيمة.. مياه الصرف الصحي تنغص حياة ساكنة مركز تماسينت (0)

  4. الحسيمة.. موظفو الجماعات الترابية يشلون الإدارات لثلاثة ايام (0)

  5. رأي : محمد بن عبد الكريم الخطابي .. أصله و نسبه (0)

  6. الحسيمة.. مشروع لتهيئة طرق بجماعتي امرابطن وايت يوسف وعلي (0)

  7. مكناس.. افتتاح الدورة الـ 16 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب (0)

الكلمات الدليلية:

لا يوجد كلمات دليلية لهذا الموضوع

الرئيسية | كتاب الرأي | عِــبر من الربيع ج 2

عِــبر من الربيع ج 2

عِــبر من الربيع ج 2

   من عِــبــر أحداث الخريف الانقلابــي في مصر أنــه يُذكرنــا دائمــا بسطوة الاستبداد و أهلــه، فأن، يتنـازلَ الديكتاتوريون ببساطــة لصالـح سلطة الشعب الثائر ليس من عـادات دول العسكر و ليس من شيم الطغاة الجبريين ، فالمستبدون يدركون جيدا من أين يجب أن تُؤكــلَ جهود الثائرين و تُبَــدّد طاقاتهم الجمـاعية الجمـاهيرية و يعون تمـامـا ظلاميتهم و كُره الشعب للانقلابات العسكريـة، لذلـك يجتهدون في خــلق مسارات تُنهــكُ قوى الثورة و تمتص غضبات البعض ممن لهم استعداد للتنازل عن المبادئ . 

      و للحقيقـة أن نعترف بأن الانقلابيين الفاشلين هــم أحيانـا "عقلانيون" يمـارسون لأول مـرة صرامـة في التحليل السياسي و تخطيطا دهـائيا يمر عبر مراحـل صـامتة، فهم لــم يشرعـوا مباشرة بعد نجاح الثورة إلــى تقويضهـا و الدخول في صدام مع الشعب الثائر و إنمــا وضعوا لأنفسهم خطا تنويميا يُلقحون به قطـاعا واسعا من الشعب خصوصا الطائفيين المسيحيين الحاقدين علـى الإسلام مطلقا و الصوفيين القاعدين الكسالـى الكارهين للحركية الإسلامية فضلا عن قطاع من الجماهير المتبلدة التي لا تفعل شيئا غير الركون في محـلات المقاهي و دور الـملاهي . لقــد ظن الثوار أن لحظـة الحكم العسكري البوليسي المستبد قد ولـى منذ أول صيحـة فرحــة بسقوط فرعون مصر ، لكنهم لم يكونوا يتصورون أن حِيَـل الشيطـان مديدة و أنه قادر علــى إعادة سلطان الاستبداد بالمكر و المخاتلة .

        من عِــبر الخريف الانقلابي للثائرين أن يدركوا حجم المَهــمــة التي قاموا بهـا لإسقاط نظام جبري طاغوتي رهيب فلا يغتروا بالحسابات السريعـة و لا يثقوا بالقادة العسكريين إذ أن ولاء أمثال هؤلاء غير مرتبط البتة بمــا يريده الشعب و إنمــا ولاءه محكوم بحسابات خارجية و اعتبارات انتهازية و مصالح فئوية ضيقة ، فشخصيــة العسكري بطبيعة تكوينه صنـاعةٌ ديكتاتورية و بنـاءُ حكم سلطوي زُرِعَ فيه حب تقديس الكراسي و الزعـامـات و لم تُبنَ فيه قيم روح الشعب و قيم الجماعـة ، لذلــك وجبت اليقظة حُيــال تلك الطبقـة الخشنة التي تعاني من مشكل الانفصام عن هويته و مرجعيته .

    و من عِــبر هـذا الخريف الانقلابي أيضا أنكَ  تجد الطبقـة السياسيــة المتعفنـة –خصوصا اللائكية المتطرفة منهـا – مستعدة دائمـا لقطف ثمـار جهود الشعب أو بتعبير أصح مستعدة لنهب مجهوداته التي صاغهـا بدمـاء جارية ، فهي طبقـة تعيش علــى امتصاص دمـاء الآخرين و تتغذى علــى أنقـاض المظلومين و المقهورين، فكيف لا تبرز أنيابهــا إبـان الثورة العارمة و قد دأبت علــى تزيين الوعـود و تنميق الوجوه ! كيف لا و قد ترعرعت جل الطبقات السياسية في كنف نظام طاغوتي لـم تتكلف نفسهـا مخاصمته لحظة ! و بين تلك الطبقات تبرز طبقات مثقفة إيديولوجيا ولجت عـالم الاستبداد فأساءت لمسيرتهــا النضالية الطويلـة ( قنديل عبد الحليم، أبو الفتوح، حمزاوي..)، خليط من المثقفين السياسيين جمعتهم أحقاد مشتركـة علــى المارد الإسلامي فآثروا أن يكونـوا أعمدة للعسكر و خزانــا للتبرير الاستبدادي علــى أن يقبلوا بالتيار الإسلامي رقمـا أساسيا ، و رغم مـا نشاهـده الآن من سعـار همجي من خنـافسـة "الأمن المركزي" و قيادات القتل الجمـاعي للشعب إلا أن ذلك لــم يكن كـافيا عند الساسـة المحنَّطين في إدانــة نظام ولغ في الدمـاء بلا نظير باستثنـاء صيحـات خـافتـة خجولــة أحيانــا تحاول أن تحفظ لهــا بعض قيم حياء المثقف و السياسي . عــامــلُ انحياز بعض الساسـة البلطجيين و بعض المحايدين إلــى ملوك التغلب يجب أن يوضعَ بعين الاعتبار عند طرح بدائــل للتغيير قصد معـالجـة و تطهير تلك الحـالات الحُثـالية و كف شرورهـا قبل أن تتفاقم فتصير وبالا علـى الشعب أي شعب، فهــؤلاء الآن صـاروا مُعيقـات موضوعية تسهم في إحداث فوضــى مفاهيمية من شأنهــا أن تطمس حقيقــة الثورة و تجعل من الانقلاب (الثورة المضادة) طريقة لبقة أو وجهــا من وجوه الديموقراطية و هو مـا بدا واضحـا في المشهـد الانقلابي المصري حيث اُبتدِعت صياغـات لفظية (الشرعية الشعبية، تصحيح المسار...)غرضهـا تبرير خيار العنف المسلح و السطو علــى حكم مدني مُختـار من الشعب و بإرادة حرة ، لا منــاص إذن من إعداد كوادر إعــلامية قادرة علــى فضح المدسوسات السياسية و كشف الوجوه النِّفاقية التي تسترزق علــى أنقاض الدمـاء و الأعـراض و لا بد من العمل بشكل جاد لوقف أعطـاب السياسة المكيافيلية القذرة التي وجدت مـلاذهــا في رعـايـة الظلمــة و سحرة الظلمة من أبواق التجار السياسيين و الدينيين و غلمـان الإيديولوجيين المتطرفين .

     إن البنـاء الجذري يقتضي استبدال كــل اللبنـات المتآكلـة بلبنات قوية تتيح إمكانية الحفاظ علــى الصرح الشامخ لمدة طويلــة، كمـا أن الرهـان علــى قيادات عسكر منخور من الداخـل بكل أشكـال الفساد الأخـلاقي هــو استئمـان في غير محـله قطعـا ، فالمطلوب من السلطــة المدنية الحـاكمة إعـادة تطهير العقلية العسكرية و تلقيحهــا بمضادات جراثيم الارتباط بالخارج و أوبئة الزعـامات الوهمية و عدم الوثوق في أهـل السيف مطلقا نظرا للوساوس الشيطانية الأمريكية و الصهيونية التي غزت العـالم و أبَّدت التخلف و التبعية علــى الشعوب المغلوبة .

       إن الاحتياطـات الاستراتيجية خصوصا في بدايات نجاح الثورة ضرورية لقطع أوصال الطامعين، فلو كانت الجيوش - بقياداتهـا و تشكيلاتهـا المختلفة - في عـالمنا الإسلامي تنتمي حقا لعقيدة شعوبهـا المنهوكـة لمـا فكّـر الطواغيت أصـلا في تحويل الدولــة إلــى بقرة حلوب لهم و لعشائرهم و لمـا كانت الأنظمـة مُهددة دائمـا بإسقاطهـا من طرف شعوبهــا ، لكن أمـر العسكـر استفحلت أمراضه في جسد الشعوب فمـا عاد يتحرك إلا لحظــة إعـادة نظام بائد أو لحظـة قهــر شعب قامَ يطالب بحقوقــه سلميــا .

     لنسجــل بأن مخـاضات هـذا الربيع كـانت بفعـل اجتمـاع أقانيم السلــطة القهـرية : أقنوم الإعـلام و المـال و العسكـر ،فهي سلطات تحدث تأثيرا خطيرا في مسارات الحراك فتحد من امتداداته الثائرة بقدر قلبهــا للواقع كـلامـا و فعـلا و تخلق كيانـات انتهـازية و عُـنفيـة تختـص في إحداث توترات مجتمعية و أزمـات حـادة، فسلـطة الإعـلام كمــا تـابع ذلك كـل مــلاحِظ للمشهـد المصري-كنموذج- مثلت سفســطة سياسية و كوميدية و إخبارية تحريضية غزت عشرات القنوات المؤسَّسـة خصيصا لمواجهــة قيم الثورة الجديدة لأجـل الوصول إلــى الثورة المضادة ، و مـارست أسوء أساليب الزيف الإعـلامي و التهريج الإخباري و توسلت في سبيل ذلك بمُهرِّجين "عُكـاظيين" عبيد أُشْتــيروا من أسواق النخاسات "المباركية" ليقدموا مشاهـد استرواحية مسمومــة و يقبلوا بأن يكونـوا أحذيــة مُبــلَّلــة بدمــاء الساجدين الراكعين . أمــا عن سلــطة المال فقد سـارع كبار الطواغيت البورجوازيين من رجال الأعمـال المحسوبين علــى نظام الطاغية إلــى سحب الودائع المـالية و تهريب العملــة النقدية و قام مـلاّكو مؤسسات الإنتاج بإغـلاق مراكزهم تمهيدا للصق مآلاتهـا بالنظام الجديد ، و فوق كل ذلك تحركت الدولــة الصهيونية الثانيــة (الإمـارات) بكل ثقلهــا لتتكلف بتمويل حمـلات الإرهابيين من البلاك بوك و البلاطجـة العبيد فضــلا عن تمويل عشرات القنوات الخاصة بإعـادة العمـلاء الحاكمين و ضخ أموال ضخمة في جيوب القيادات المرتشية و الساسة المنـافقين ،فهـاته الدُّوَيلــة الصهيونية أشرفت علــى ضمــان حسن تدبير الانقلاب و خططت له في مصر و تونس و ليبيا و تركيا و خصصت لذلك ترسـانة مالية رهيبـة لضرب المشروع الإسلامــي و إعـادة الكيانـات المُتَصَهــيَـنــة إلــى مكانهـا قبل الثورة . و أمـا عن سلـطة العسكـر فهـو رأس الفساد كله و شر الشرور جميعهــا ، فيكفي لـه بؤسـا انتزاؤُه علـى سلطة مدنية و مؤسسات مُختـارة في خمسة استحقاقات و قتلــه للساجدين و إحـراقـه للجثامين الأطهـار ،آهٍ له من ويل مـا صنع .....

     مِــن عِبــر الربيع أن توضعَ خطط لمواجهــة أقانيم السلـطة عند التفكير في بنـاء نظام مدني حقيقي و لا تُتــرَك أمورهـا للارتجالية و الغضب الشعبي دونمــا تأصيل، فبرمجــة مواجهــة سلط الطغـاة عند بنـاء الدولـة الحديثـة تستوجب إعـداد مخططات دقيقة من القيادة الشعبية للحيلولـة دون استغـلال أعـوان الظلمــة ارتباطاتهم الخارجية و امداداتهم الكثيفـة و إلا فإن الثورة الجريحــة ستظل تعـاني من مآزق الانتقال الجاد لسلطــة عـادلة...

نجيب الطلحاوي

مشاركة في: Twitter Twitter

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 )

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك

المرجو عدم تضمين تعليقاتكم بعبارات تسيء للأشخاص أو المقدسات أو مهاجمة الأديان و تحدف كل التعليقات التي تحتوي على عبارات أو شتائم مخلة بالأداب....

للكتابة بالعربية

rif media