English French German Spain Dutch

rif category

قيم هذا المقال

3.67

  1. "الحديث النبوي وعلومه بمنطقة الريف" موضوع ندوة بإمزورن (0)

  2. قراءة في مذكرات أحمد الطالب المسعودي عن تجربته في المنفى والاعتقال في الجزائر (0)

  3. النصب على حالمين بالهجرة يقود سيدتين الى سجن الحسيمة (0)

  4. اخنوش: ما تحقق خلال نصف الولاية الحكومية فاق كل التوقعات والانتظارات (0)

  5. اللجنة الجهوية للتنمية البشرية تصادق على برمجة 75 مشروعا باقليم الحسيمة (0)

  6. عضو بمجلس الجهة يوضح بخصوص الجدل حول إعادة بناء مسجد ببني حذيفة (0)

  7. ينحدر من الريف .. هروب اكبر زعماء المافيا الهولندية بعد اعتقاله في اسبانيا (0)

الكلمات الدليلية:

لا يوجد كلمات دليلية لهذا الموضوع

الرئيسية | كتاب الرأي | "عدّنْبي نَ السوق".. ذلك المقاوم المجهول

"عدّنْبي نَ السوق".. ذلك المقاوم المجهول

"عدّنْبي نَ السوق".. ذلك المقاوم المجهول

عرف بمقولته المشهورة التي صارت مضرب الأمثال: “تغير المقبض، أما حدّ المنجل فبقي على حاله”. صار هذا المثل يضرب حينما يراد التدليل على أن أي شيئ لم يتغير، وخاصة أثناء تقييم الأداء السياسي لحزب ما أو لبلدية أو لحكومة قائمة. ومَن مِن المغاربة لا يصول ولا يجول في ساحة السياسة؟ صاحب هذه المقولة التي عبرت الزمن وتحولت إلى مأثورة، معروف فقط في بعض الجهات من الريف، وخاصة في أسواق آيت ورياغل وبعض أسواق كزناية بإقليم تازة والجهة الشرقية من الريف، وهي الأسواق التي كان يتردد عليها باستمرار.

لماذا أتذكر صاحب هذه المقولة في هذه الأيام بالضبط، ومن يكون هذا الشخص؟

لأننا في مثل هذا الوقت (بداية أكتوبر) من كل سنة، نحتفل في المغرب بأبطال المقاومة وجيش التحرير، الأحياء منهم والأموات. ففي بداية كل أكتوبر نطرز الخطب وننمقها تمجيدا ل “أبطال” نالوا ما شاؤوا من التبجيل والتعظيم، ونالوا حظهم الواسع كذلك في ما قُدّر لهم من المناصب والإكراميات، كما سميت شوارع كبيرة بأسماء كثيرين منهم، ودُبجت في حقهم كتب ومصنفات. أما أمثال هذا الشخص، فلا نسمع عنهم خبرا ولا نعرف لهم اسما. لعل هذا ما جعل تفكيري يذهب إليه في هذه الأيام بالذات، احتراما لذكراه وذاكرته، واحتراما  لذاكرة كل المقاومين المنسيين.

اسم هذا الشخص الذي يطلق عليه جيل الفيسبوك حاليا “حكيم الريف”، هو عبد النبي، أو “عدّنبي” بحسب اللسان الريفي، ولقبه المشهور هو “عدّنبي ن السوق” (عبد النبي السوق)، لأنه كان يسيح على أسواق الناحية ساعيا وراء قوت يومه. ليس من الريفيين من لا يعرفه أو لم يسمع عنه وعن أقواله التي ارتقت إلى مرتبة الحِكَم، ولكن القليلين منهم فقط من يعرف تاريخه الحقيقي.

في مارس 1984، التقيت بوالدي لأول مرة في هولندا، كنت طالبا في الجامعة بينما كان الوالد يتنقل بين المنافي. أتذكر أنه سألني عن “عدنبي” وهل ما يزال على قيد الحياة. استوضحت منه الأمر بعفوية وسذاجة: “هل تقصد “عدنبي ن السوق”؟ أجابني بنبرة فيها نوع من الاستنكار والتعجب: أي سوق؟ أنا أسألك عن “عدنبي” المقاوم. سُقط في يدي. أيكون ذلك المخبول مقاوما سابقا؟

قص علي الوالد نتفا من حياة عبد النبي في أيام عز التحضير لعمليات جيش التحرير ضد الفرنسيين في كزناية التي كانت آنئذ خاضعة للنفوذ الفرنسي، بينما الاتصالات والتحضيرات كانت تتم على الواجهة المقابلة من “الحدود” في منطقة النفوذ الإسباني، ومن بينها بلدة أربعاء تاوريرت، وهي عبارة عن سوق أسبوعي كان بمثابة ملتقى للقبائل الريفية بقسماتها وتفرعاتها: آيت ورياغل، قلعية وكزناية. كان عبد النبي واحدا من جنود الخفاء، يحمل الأسلحة ويهربها نحو كزناية، وعند اندلاع المعارك ابتداء من 2 أكتوبر 1954، أبلى فيها البلاء الحسن. فبالإضافة إلى شجاعته في القتال، تخصص في إخلاء المصابين من الجبهة إلى المناطق الخلفية الآمنة.

هذا هو “عدنبي” الذي كنت أجهله، ولست أنا الوحيد من كان يجهله. تجهله أيضا المندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير، تجهله الجامعات والمدارس، يجهله المختصون وجمعيات المجتمع المدني. “عدنبي” هو مثال لعشرات، وربما المئات من الجنود المجهولين على امتداد مساحة الوطن. لا أحد يعرف شيئا عن تاريخهم، ولا هم طالبوا بحقهم في الاعتراف بهم. تواروا إلى الخلف بعد الاستقلال تاركين الساحة للمدّعين والمقاومين المزيفين. قراءة سريعة لبعض من كتب مذكراته عن المقاومة وجيش التحرير، تكفي لتكتشف ملامح بعض المدعين، الغارقين في التباهي الشخصي والأنانية الطاغية، يقابلها تبخيس بما قام به غيرهم والتشكيك في صدقيتهم ومصداقيتهم. أما “عدنبي” فلم يكن صاحب قلم ليسطر أمجاده في صحائف وكتب وموسوعات. كان جنديا مجهولا، ومات مجدوبا مخبولا.

في ذلك اللقاء الأول الذي جمعني بالوالد، أذكر أنني قلت له: “عدنبي ن السوق” أحمق. “هو العاقل الوحيد فيكم الآن في الريف”، أجابني الوالد وهو يهز رأسه مستغربا قبل أن يواصل: “لقد اختار أن “يفقد” عقله حتى لا يفقد حياته. لو لم يفعل ذلك لانتحر أو نُحر”.

“عدنبي” اختار الهبل طواعية، ليس فقط ليبقى على قيد الحياة، بل ليقول ما يريد قوله بكل حرية. ألم يرفع الشرع القلم عن المجنون؟ فمقولته التي بدأت بها هذا المقال، كانت مقارنة صارخة بين مرحلتين: مرحلة الحماية ومرحلة الاستقلال. حينما نظم المغرب المستقل أول استفتاء له على أول دستور، تحمس له آنذاك حزب الاستقلال، وراح يوزع المناشير في الأسواق والدواوير، ويجيش أتباعه وأنصاره للتصويت بنعم. “نعم للدستور” أضحى شعارا وطنيا من خانه خان الوطن! أما “عدنبي” فكان يقوم هو أيضا بحملته المناهضة على طريقته. كان يحذر: إياكم والخدعة! وحينما صوت المغاربة ب “الإجماع” بنعم على الدستور، راح “عدنبي” يصيح في الأسواق: هل جلستم على القالب؟ سايسوه إذن.

كان يستخدم كلاما فيه إيحاءات جنسية واضحة. وبما أنه كان يعيش في مجتمع محافظ، فقد كان الناس يعطونه النقود بسرعة كي يتخلصوا منه ومن كلامه الخادش للحياء. في سوق الاثنين الأسبوعي نادى عليه القائد ليقوم له بخدمة، وتتلخص الخدمة في أن يمشي في السوق وينادي بصوته الجهوري في الناس أن يفدوا على الإدارة لأمر هام. كان النداء (البراح) في الأسواق طريقة يلتجئ إليها المسؤولون لتبليغ الناس أمورا إدارية مهمة. وبدأ “عدنبي” يصيح في الجموع: “أيتها الكلاب الصغيرة، الكلاب الكبيرة تطلبكم في أمر هام”! ذات مرة زادت الحكومة في الأسعار وراح “عدنبي” يطلب “الصدقة” كعادته في الأسواق. أعطاه شخص 20 فرنكا بعملة ذلك الزمن. بدأ ينظر في المبلغ بعين فاحصة والناس الملتفون حول براد شاي يترقبون وأيديهم على قلوبهم خوفا من كلامه الفاضح. أعاد “عدنبي” المبلغ لصاحبه قائلا له: “الحكومة زادت في الأسعار، حتى “السعاية” زادت”!

كم من “عدنبي” ضيعه قومه؟ كثيرون بلا شك. لا نطلب من المندوبية السامية للمقاومة وجيش التحرير أن تحفر في الصخر لتكشف هوية الجنود المجهولين في تاريخنا المعاصر، ولكن فقط أن تدرك أن لائحة الآلاف من الذين حصلوا على بطاقة “مقاوم” بعد الاستقلال، تحتاج لغربلة حقيقية. لأن المقاومين الحقيقيين لم يفعلوا ذلك من أجل الحصول على بطاقة باهتة، لا ذكر لها في صحائف الذاكرة الجماعية.

محمد أمزيان

مشاركة في: Twitter Twitter

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (8 )

-1-
17 أكتوبر 2014 - 20:03
tahia revolutionaire mhamed chokran pour comemorer cette brillante combatant #adanbi nasouk bien fait bravo 3lik vive les gents de dignité wa el karama
مقبول مرفوض
7
-2-
fikri aljaouhar
17 أكتوبر 2014 - 22:54
nous sommes très fièrs de notre region et mème de toutes les personnes qui ont donnè une image trèsvalorisante. toujours notre region est recource de l art et et la rèsistance et la fèdillitèe . e
مقبول مرفوض
6
-3-
Nordin
19 أكتوبر 2014 - 11:34
..تواروا إلى الخلف بعد الاستقلال تاركين الساحة للمدّعين و المقاومين المزيفين..
احسنت الكلام !
مقبول مرفوض
6
-4-
adanbiiiiiiii
23 أكتوبر 2014 - 00:10
"... صار هذا المثل يضرب حينما يراد التدليل على أن أي شيئ لم يتغير، وخاصة أثناء تقييم الأداء السياسي لحزب ما أو لبلدية أو لحكومة قائمة..."
ولكن عدنبي قصد به شيء واحد ، ونطق بهذا المثل في فترة معينة، ولم يقصد حزب ما و لا حكومة، يجب أن تبحث عن السبب الذي جعل عدنبي يقول هذا المثل السي أمزيان.
مقبول مرفوض
2
-5-
Arifi
28 أكتوبر 2014 - 18:09
هذا رابط لقصيدة رائعة للشاعر احمد الصدقي في حق المقاوم المجهول عدنبي نسوقhttp://youtu.be/Yig0hFbYW0Y
مقبول مرفوض
3
-6-
nadir
31 أكتوبر 2014 - 18:43
شكرا لك على هذه المقالة الرائعة في حق عدّنبي.
مقبول مرفوض
1
-7-
Mo Amsterdam
10 نونبر 2014 - 21:46
Talbo ghier thin ,azyt ikharjouha mn kom.
Lah irahmo
Azul
Haddouchi mo
مقبول مرفوض
0
-8-
driss bougharman
24 نونبر 2014 - 15:16
sahih y akhi ma9olta fi ha9 hada albatal ohayika chokran lak
مقبول مرفوض
1
المجموع: 8 | عرض: 1 - 8

أضف تعليقك

المرجو عدم تضمين تعليقاتكم بعبارات تسيء للأشخاص أو المقدسات أو مهاجمة الأديان و تحدف كل التعليقات التي تحتوي على عبارات أو شتائم مخلة بالأداب....

للكتابة بالعربية

rif media