rif category
rif category

الريف و سؤال الحاجة للفعل السياسي

كتاب الرأي

1 مايو 2015 - 19:04

الريف و سؤال الحاجة للفعل السياسي

إرتكزت المقاربات المركزية في شقها التدبيري ذات الصلة بالإنماء المجالي و الجيوترابي على تسييد مركزة القرار السياسي وفق نظم المركزية المتعاقبة منذ 1962 إلى غاية اليوم ،  و التي عملت على تكريس بُعد إلحاق الجهات و تكريس تبعيتها بإخضاعها بقرار سياسي مباشر تارة و تارة أخرى بمقاربات أمنية مكرسة لإرادة المركز لإخضاع المجالات الجيوترابية الجهوية لأجندة فوقية مركزية هدفها تحصين إحتكار المؤسسة الملكية  للسلطة السياسية لتكون بذلك الفاعل السياسي الوحيد الذي بإمكانه صنع القرار السياسي و تغيير خريطة الأولويات الاستراتيجية وفق ما تقتضيه حاجة المركز للإبقاء على فوقية و شمولية النازع المركزي و إعلاء سلطته القراراتية عن باقي الأطياف السياسية المؤثثة للمشهد السياسي المغربي ، الذي لا يزال دور  الريف فيه مغيبا بقرار سياسي إستنادا لمجموعة من العوامل منها ما تمخض عن تراكمات الإرث التاريخي بين الريف و المركز التي جعلت الفاعل المركزي يتعامل مع كل ما له صلة بالريف من منطلق الهاجس السيكولوجي يكون فيه البعد الامني مهيمنا و مرتكزا على التطلع الاخضاعي و تذويب الإرادة الريفية في التسيير الذاتي و القطع مع إلحاق الريف كمجال جيوتراتبي له خصوصيات مفارقة عن باقي الجهات و المناطق .

و في خضم النقاش حول الـتأسيس لمقاربات إنمائية جهوية وفق مشروع الجهوية الجديد ، وجبت الإشارة إلى التغييب الفعلي لأية إرادة سياسية من شأنها التأسيس لحاضر و غد يقطعان مع هيمنة إعلاء القرارات المركزية القائمة على تذويب الهم الجمعي الريفي في بروتوكولات سياسية_تدبيرية لا يزال الهاجس الامني مربط  وثاقها من خلال تحصين بروبكندا رسمية تربط اي فعل سياسي ريفي خارج  التصور المركزي بالشيطنة و الإنفلات و تصوير المجال الجيوترابي_سياسي الريفي كفسيفساء غير متجانسة لنفي نوارع الترابط و الوحدوية بين الريفيين و ذلك بترويج أن المقاربة المركزية المولودة من رحم الفلسفة اليعقوبية  هي أنجح ما يمكن تحقيقه بل و اعتبارها معطى قدريا وجب التسليم بها بالإستعانة بآليات و أدوات تشييع السلطوية من إعلام و منظومات تربوية و مؤسسات الحقل الديني العاملة على تكييف القرار السياسي مع النص الديني  .

إن ارتكاز القرار السياسي في انبنائية نسقه على احتكار المركز للفعل و السلطة السياسية لا ينظر للريف إلا من زاوية الغنيمة السياسية و رقم مالي مهم يتكفل بتحمل عثرات المركز التدبيرية في وقت كان لزاما فيه ان يكون حافزا و مؤشرا للنهوض بتطلعات الريفيين و بلورة رؤى سياسية جادة من شأنها الرفع من مؤشر التنمية بالريف و تحقيق مستوى لا بأس من الرفاهية لأبناءه  الذين حتم عليهم التهميش المجالي المفرز عن اخفاقات تدبيربية ليعتبروا الاستقرار بالريف إكراها لا حقا في العيش داخل وطن يضمن سواسية المشاركة في صنع القرار و الإسهام فيه ، الشيء الذي أنتج غيابا بالإحساس بالانتماء و أفقد ريفيي الداخل و الخارج التشبع بفكر قومي ريفي إفتُقد بسياسات التهجير و التهميش و تركيز الثروات في يد ثلة تستفيد من الوضع المقارباتي القائم . 

و في أفق الحديث عن انفراج سياسي مغيب و لن يتأتى إلا بالأخذ الجدي لتطلعات الريفيين في الكيفية و النمط المناسبين للتدبير و التسيير ، وجب التذكير أن الخواء السياسي و الشلل المهيمن على ادوات النهوض بالريف تنمويا و اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا ، سارعت في بزوغ و ظهور اطياف نيومخزنية ريفية الإنتماء هدفها عرقلة توحد الريفيين على خيار تدبيري ريفي_ريفي من شأنه خلق دينامية تسييرية قائمة على محورة التطلع الريفي لتسيير ذاته وفق نظام أوطونومي كفيل بإقران التنمية بالإنسان لا بالقرار السياسي المركزي ، و هذه الأطياف منها ما هو مستحدث في دهاليز مؤسسة المركز و منها ما يتطلع للتسابق و التهافت للإغتنام من الريع الجبائي و الضريبي و الاقتصادي و السياسي ،  المشترك بينها عمل كل تيار على حداه لتفويت أية فرصة محتملة من شأنها توحيد الريفيين و رص صفوفهم لخلق فعل سياسي ريفي بدل التخندق في ردود أفعال تكون لحظية و مزاجية و مرسومة الأهداف سبقا . 

إن راهنية البث في الفعل السياسي الريفي استوجبته اللحظة ليتحمل الفاعلين مسؤوليتهم التاريخية انطلاقا من الدور السلبي المشاع عبرهم من خلال الإنسلاخ من تحمل و احتضان الهم الريفي بتسبيق الموالاة للقرارات المركزية الجاهزة ، الثابت فيها تحصين هيمنة المركزة و المتغير فيها هو الوسائل و الآليات التي تكرس إبقاء اعتبار الريف ملحقا للمركز و النظر لدوره لا يتجاوز تحمل تبعيات  المقاربات  السياسية  التي لا تكون في عمقها إلا تكليلا لإخفاقات تدبيرية ، كما وجب التطرق إلى خطورة خلط النخب السياسية بين مفهوم الولاء للوطن و ربطه بالولاء للنسق السياسي .

و على سبيل الختم فإن النهوض بالريف كمجال جيوسياسي_ترابي موحد بإمكانه إحداث الفارق على مستويات المؤشرات التنموية و الاقتصادية و السياسية ، لن يتأتى إلا من خلال نبذ الانا السياسية لدى بعض النخب التي لا تتقن إلا فن المزايدة بإسم الريف لأهداف سياسوية و انتخاوبوية و ريعية على حساب تدمير التطلع لتوحد الصوت الريفي المتلطع للتأسيس لنمط تسييري يضع في لبه الريف محورا و هدفا و غاية بعيدا عن التصارع على الظفر بإمتيازات عينية على حساب تحوير الهم الريفي و تكييفه مع سيكولوجية الفاعل المركزي الذي يركز على إبقاء القرار السياسي محتكرا و منزلا بنمط فوقي تهيمن عليه أبعاد المَنح و العطاء مقابل الإيفاء و ضمان سيرورة بروبكندة تمركز القرار و الفعل السياسي.

 خميس بتكمنت 

عدد التعليقات (2 )

-1-
انفسال
11 مايو 2015 - 01:54
القتال الجهاد الحرب النزال ثورة ثورة
مقبول مرفوض
0
-2-
يوبا
12 مايو 2015 - 18:54
مقال علمي و موضوعي...أفكار منطقية..شكرا..
مقبول مرفوض
0
المجموع: 2 | عرض: 1 - 2

أضف تعليقك

line adsense

الحسيمة.. أحكام بحق خمسة قاصرين على خلفية أحداث إمزورن

  أصدرت غرفة الأحداث بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة، أحكاماً في حق خمسة متهمين قاصرين على خلفية أحداث إمزورن التي شهدتها المدينة مطلع أكتوبر الجاري. وقضت المحكمة بعدم مؤاخذة... التفاصيل

إضراب يشل بروكسل ومواجهات بين متظاهرين مقنّعين والشرطة

 شهدت العاصمة البلجيكية بروكسل، صباح اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025، توتراً كبيراً تخلله وقوع مواجهات بين متظاهرين مقنّعين وقوات الشرطة على مستوى جادة “باشيكو”، خلال... التفاصيل

الناظور.. التحريض وتلقي تمويلات أجنبية مشبوهة يقود سعيد الشرامطي الى السجن

 يمثل يوم الخميس المقبل سعيد الشرامطي، رئيس جمعية “الريف الكبير لحقوق الإنسان”، أمام الغرفة الجنحية بالمحكمة الابتدائية بسلوان، على خلفية متابعته في قضايا وصفت بـ”الخطيرة”،... التفاصيل

حافلة لنقل المسافرين تتعرض لحادثة سير على الطريق الوطنية رقم 2 نواحي شفشاون

 شهدت الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين مدينتي شفشاون وتطوان، زوال اليوم الثلاثاء، حادثة انحراف حافلة لنقل الركاب عن مسارها بالقرب من معمل الماء بضواحي... التفاصيل

الحسيمة .. ساكنة دواوير بجماعة لوطا بدون مياه الشرب منذ أيام

 تعيش ساكنة دواري أحنودن وازغاين بجماعة لوطا منذ أربعة أيام على وقع انقطاع تام للماء الصالح للشرب، في وقتٍ لم تبادر فيه السلطات  إلى اتخاذ... التفاصيل

line adsense