جزيرة بادس المحتلة بين الأهمية الجيوإستراتيجية والطبيعة الساحرة

22 يوليوز 2015 - 02:03

لازالت اسبانيا تحتل مجموعة من الجزر المغربية، ذات المواقع الجيواستراتيجية والجمال الطبيعي الخلاب والساحر، والتي توجد في حيز المياه الإقليمية المغربية، بل لاتبعد عن الساحل المغربي إلا بمئات الأمتار القليلية، ومنها جزيرة بادس التي هي امتداد لجبال الريف المطلة على البحر الأبيض المتوسط ,,،ومع ذلك فإسبانيا الفرنكوية تعتبر هذه الجزر جزء لا يتجزأ من سيادتها ،في تحد سافر لكل الأعراف والقوانين الدولية،ولاسيما القانون الدولي للبحار الذي ينظم الوضعيات القانونية للجزر، إذن سنعمل على تقديم قراءة جيوتاريخية مقتضبة ومختصرة عن جزيرة بادس,

تقع جزيرة بادس بارض قبيلة بقيوة الريفية على البحر الأبيض المتوسط ،تسمى في الأدبيات الإسبانية ب Penon de Velez de la Gomera،جزيرة صخرية طولها 225مترا،وعرضها 110 مترا،تنفصل عن اليابسة بواسطة مضيق يبلغ طوله حوالي 77 مترا، تعلو على مستوى الماء بحوالي 100 مترا، تبعد عن مدينة الحسيمة ب 45 كلم بحرا عند مصب وادي تامدة الذي يشكل حوضا فلاحيا ومائيا صالحا للإبحار، ينعدم الماء بالجزيرة .

تبدو جزيرة بادس من الساحل المقابل لها، مثل باخرة راسية،جاثمة،مسترخية،تشهد على رسوخها في القدم كقلعة منبتة وسط البحر ،يستنجد بها كل ضال ،ويتوقف بها كل عابر سبيل ،اتخذها المغاربة قبل احتلالها ميناء للورود، ومرسى للتجارة المحلية وخصوصا تجارة فاس وسجلماسة،كما كانت قاعدة للجهاد البحري الذي كانت تقوم به الإمارة المحلية ضد السفن المعتدية,

تعددت أصل تسميات الجزيرة ،فمنهم من يرد أصلها إلى بادس بن منصوربن بلكين بن زيري بن مناد الصنهاجي الأمير على افريقيا الشمالية في عهد الفاطميين ،ومنهم من يربطها ببادس بن حبوس أمير غرناطة ،الذي قضى على ملك الأشراف الأدارسة المعروفين بالحموديين يمالقة عام 119ه,

حملت جزيرة بادس اسم مدينة بادس التاريخية  التي كانت مزدهرة ،عامرة،مشهورة ،باعتبارها محطة تجارية وصناعية تتردد إليها السفن الإيطالية والشامية,

وفي خضم هذه التحولات والتطورات التي مرت بها الجزيرة،في عام 1508ماطلقت اسبانيا حملة استكشافية بقيادة "بيدرو نافارو "لمكافحة القراصنة الذين كانوا ينهبون ويهاجمون باستمرار السفن التجارية في عرض البحر، ناهيك على السواحل الجنوبية الإسبانية ،وعندها ضمت إسبانيا جزيرة 

بادس، في عام 1522م شن المغاربة هجوما ناجحا قضوا فيه على الحامية العسكرية الإسبانية ،واستردوا جزيرة بادس ،وفي سنة 1554م ،أعطى الملك أبو حسون الوطاسي جزيرة بادس للعثمانيين الذين ساعدوه للوصول إلى الحكم .

في عام 1563م ،قام الإسبان بمحاولة فاشاة لضم بادس ،لكنهم نجحوا عام 1564م تحت قيادة "غارسيا ألفاريزدي توليدو"الذي هزم الحامية العسكرية العثمانية المتكونة من150 جنديا،ومنذ ذلك الوقت أصبحت تحت السيطرة الإسبانية رغم الحصار المتكررالذي تعرضت له سنوات 1680م،1701م،1755م،1781م، 1790م.

وفي عام 1871م،  ناقش الكورتيس الإسباني التخلي عن جزيرة بادس ،لأنها فقدت أهميتها العسكرية،لكن،تم إسقاط المقترح في النهاية .وحتى عام 1934م،ضربت جزية بادس عاصفة رعدية جرفت معها كميات كبيرة من الرمال من القناة القصيرة بين الجزيرة والقارة الإفريقية ، ومنذ ذلك تحولت إلى شبه جزيرة متصلة بالساحل المغربي عبر برزخ رملي  طوله 85 مترا ،ويصل عرضه 100 مترا ،وهو بذلك يعد أقصر الحدود في العالم.

وعلى سبيل الختم،نسائل الدبلوماسية المغربية الرسمية أين هو موقفها  من الإحتلال الإسباني لهذه الجزر والثغور؟ والتي تعتبر آخر المناطق والثغور المحتلة في القارة الإفريقية،لذلك ،نعتقد لقد آن الآوان للدبلوماسية المغربية أن تشتغل على هذا الملف ،الذي لايحتمل الصمت والتأجيل، والتسويق له في المحافل الدولية ،وخاصة أمام أنظار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

نور الدين مورو

• أخبار 24 ساعة

• المواضيع الأكثر مشاهدة