7 أبريل 2016 - 22:37
بعدما سُدَّت كل الأبواب في وجه كل أولئك الذين علَّقوا آمالهم على ركوب خوف الناس من الهزات الأرضية الأخيرة و محاولتهم إعادة سيناريو لجـان زلزال 2004، و بعد أن استعصت على حوارييهم تسويق الرعب النفسي و توزيعه مجانـا على سكــان ريفنــا الأبِي، ها هم يتسابقــون هذه المرة فُرادى و جماعــات لبيـت القاضي ليضعـوا ـ و بئس ما يفعلون شكايتهم و يخرجون.
تقول الشكــايـة يا سادة، إن ركـودا اقتصاديـا حادٌّا هَجَم صبــاح ذات يـوم على مدينتنــا الحسيمـة، حاصَـر صُنّاعَها و بِضاعتَها، اغتصب مواردها، أَقْفل دكاكينها، أَفْلًسَ مشاريعها، رَحَّل أهلها، و هَجَّر مراكب الصيد من مينائها...
تسترسل الشكاية في سطر من سطورها و تقول، إن المتهم حوتا يدعى دلفينا أسودا، و هو في البحر يعيث فسادا، يُقَطع الشباك، يُحَرِّرُ الأسماك، يُبْعِدُ الرزق عن البحارة و يُبَعْثر الأوراق...
بعد تقديم الشكاية، توافد من هَبَّ و دَبَّ ليُدْلي بشهادته، تَعدّدت رواياتهم و تِلكُمُ الشهادات المُنمَّقة المعهودة، انصبت كلها في تلفيق التهم للدلفين الأسود دونما دليل، تعالت أصواتهم هاتفة يموت يموت النيكرو، تتالت و يا حسرتاه خرجات النكرات فوزعوا الشتائم يُمنة و يُسرة على دلفيننا ثم كَالوا له من الادعاءات ما كَالوا، توالت اتهامات كل المجالس له دون سَنَد، و في كل اجتماع كان هو السبب، بأصابع الاتهام أشارت إليه عناوين أخبار كل مساء، فتواتر الناس كلامهم و ذابوا في توزيع التهم...
يوم المحاكمة، أحْضِرَ الدلفين عُنوة، أُودِع قفص الاتهام و بدأت الأسئلة، لم يترافع عنه أحد فقام و نطق و دافع و لم يَخَف...قال إنه بالبحر يأكل من خيراته و لا يعيث فيه فسادا، قال إنه سَمِع يوما من بعض بني جلدته الدلافين بأن ميناء ترفيهيا سَيُقام على أنقاض مرسى مراكب البسطاء و هو لا محالة سَيَقُضُّ مضجعهم و سيدفع بهم لإخلائه، و إن صيدا جائرا فتَّاكا تُسَخَّر فيه كل وسائل الاستنزاف من رصاص و تشفيط للسواحل لملئ بطون أصحاب المراكب هو لا شك سَيُعَجِّلُ بقوارب الصيد و راكبيه لمغادرة الميناء...
تعالت أصوات الحاضرين بقاعة المحكمة، فهوى القاضي بمطرقته فوق المنصة طالبا منهم الصمت للحظة، استرسل صاحب التهمة الكبرى، و قال و العهدة على أصدقائه الدلافين إنَّ تجارة التجار الصغار قد رَكَدَت و كَسَدَت و خَابَت بسبب متجر كبير نزل ذات يوم وسط المدينة، على أرضٍ صَفصفٍ طاهرة، فُوِّتَتْ بأثمنة بَخْسة، قيل يومها إنه سَيَحُلُّ مشكلة البطالة، ستَتَزيَّنُ المدينة، سيكْثُرُ الرواج و تزدهر التجارة... فخابت الظنون فيهم، تَمَّ تشغيل أبناء المدينة بعدَدِ الأصابع، آلت الإدارة إليهم، رَوَّجُوا سلعتهم فاشترى الناس أوهامهم، و مساءَ كلِّ يوم يجمعون مبيعاتهم و يحولونها لحسابات المركز فتختل دورة الحركة الاقتصادية، تَتَلمَّس الأزمة طريقها، تَتَحسَّر الجيوب و تتألم القلوب فَقابَ قوسين أو أدنى من الجمود.
صمتٌ رهيبٌ بقاعة المحكمة إلاَّ مِن أقوال المتهم، يلتفت جِهة الحضور، يستطرد و يقول إنه اسْتَرَق السَّمع ذات مساء فَعَلِم أنَّ سياحة المدينة كانت في أوجِها، فنادق لا تتوقف عن استقبال نزلائها، متاجر تقليدية لا تَمَل من كثرة زبائنها، أنشطة بسيطة و متنوعة جذبت كل سائـح و سائحـة من كل حَدْب و صَوْب...و لمـا تنوعت اللقاءات و تصريف القيل و القال، و كثـرت كؤوس الشاي و أصناف الحلويات، و لبست النكرات جبة مُنَظري السياحة و يا ليت لم يُنَظروا، و تَحَدَّث القلم و صَمتَ المعول، قيل إنَّ النهوض بالسياحة لمن الأولويات، إنَّ حقول الفلاحين لا بُدَّ أن تُبْنى عليها تلك الوحدات و إنَّ الشواطئ إذا فُوِّتَت لهذا و ذاك لَهُوَ عَين الصواب...فحدث ما لم يكن في الحسبان، مدينة سياحية فوق الأوراق و بلا سياح، فنادق مُصَنفة في كل مكان خاوية على عروشها إلا من أضواء الحانات، أوراق أوراق و أوراق و غبار في كل مكان...
تَوَقَّفَ المتهم لِلَحظة، دمعت عيناه، فتوقف عن الكلام ثم اعتذر للناس و المحكمة...تعالت أصوات الحاضرين و اشْرَأبَّتِ الأعناق لسماع الحكم ...أعاد القاضي فَتْح الملف و نَطَق بعد المداولة...الدلفين الأسود لم يُغْلِق متجرا، لم يُهَجِّر مركبا، لم يَقْطَعِ النور عن أحد، و هو في كُلِّ هذا بريئ من كل التهم... رفعت الجلسة.
فؤاد بنعلي
تأهل المنتخب الوطني المغرب لأقل من 20 سنة إلى نصف نهائي كأس العالم لهذه الفئة الجارية أطوارها في الشيلي ،عقب تفوقه البين على نظيره الامريكي... التفاصيل
على بعد أسابيع من الإعلان الرسمي عن مباريات توظيف الأطر التعليمية، أعلن محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أن الوزارة قررت مراجعة... التفاصيل
تستعد مدينة الحسيمة لاحتضان ندوة حقوقية وعلمية وطنية تحت شعار "الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية بالمغرب بين واقع الممارسة ومتطلبات التفعيل"، وذلك يوم السبت 13 دجنبر... التفاصيل
وصل فجر اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 نحو 22 مهاجراً من أصل مغربي، من بينهم أربعة قاصرين على الأقل، إلى منطقة قريبة من شاطئ “لا... التفاصيل
شكلت فاجعة إحراق الفنان سوليت بالشارع العام حدثا مأساويا هزت الضمير الإنساني في كل مكان، وأعادت ترتيب التساؤلات في ضمائرنا، فكانت صفعة استفقنا على إثرها... التفاصيل
عدد التعليقات (1 )
-1-
9 أبريل 2016 - 04:10
أضف تعليقك