31 أكتوبر 2016 - 02:10
الحسيمة تنبذ حظها العاثر بين المدن اليوم.. لم تنل هذه المدينة قسطاً من الراحة والطمأنينة إلا قليلاً.. فتارة تنعى قضية خمسة شبان، تحولوا إلى جثث متفحمة في إحدى الوكالات البنكية..ومن منا لا يتذكر صرخة أمهات وعائلات الضحايا، التي طالبت بالحقيقة ولا شيء غير كشف الحقيقة..لكن الأمور أفضت إلى عدم متابعة الحدث من قبل المسؤولين، كون "الفاعل مجهولاً"..وتارة أخرى، تنعى قضية كريم لشقر، المناضل في حزب الاتحاد الاشتراكي، والذي مات في ظروف غير معروفة..لتطوى صفحته على اعتبار أن "الفاعل مجهول" هذه المرة أيضاً.. الحسيمة تنعى وفاة كمال الحساني، الذي اغتالته أيادٍ عدة، لا يداً واحدة..اغتيل أمام كشك المعطلين بآيث بوعياش، ذبحاً..بخنجر لم يرحم عنقه الرطب، ولا حلقه..ومن منا لا يتذكر شهادة الكاتب "المتقي أشهبار" رحمه الله، حينما روى حدث اغتيال الحساني لحظة بلحظة..هذه المرة، كان الفاعل معروفاً، لكن ظروف قتله بقيت غامضة جداً.
الحسيمة تنعى اليوم بائع سمك، شاب في الثلاثينيات من عمره يدعى "محسن فكري"، توفي "حكرة وظلماً وطغياناً".. شاب لم يعطه القدر فرصة بيع كمية من السمك قد ابتاعها، ولم تتح له الفرصة استكمال عملية بيع "رزقه"، والحصول على ربح حتى ولو كان بالضئيل.. الحسيمة تنعى وفاة شاب "طحناً"، وكم هي قاسية تلك الجملة التي تداولتها وسائل الإعلام "طحن مُّو"، وكأن الإنسان في الريف "شيءٌ" ينبغي طحنه أو هدمه.. وكأن المواطن في المغرب مجرد "آلة زجاجية" تستدعي الكسر في كل مرة تتعطل قدراتها في الدفاع عن نفسها.. الحسيمة اليوم.. تنعى بائع سمك ومواطناً من طبقة اجتماعية كادحة، تمر بعض أيامه رزقاً قليلاً، والبعض الآخر باللاشيء..
في اللحظة التي نطق فيها أحد المشاهدين لعملية الضغط على "محسن" داخل الشاحنة، بكلمة "أيَّاو"، وهي الكلمة التي تُنطق بالريفية حينما يصل الألم حدّ المسّ بالعظام، والتي تعني "لطفك يا الله".. في هذه اللحظة بالضبط، مات بائع السمك، وسقطت كرامته وسط شاحنة للنفايات، وسقطت معه كرامة كلّ المغاربة، الذين يُستهان بهم، والذين لا يُسمح لهم بالتعبير عن آرائهم إلا في الانتخابات.
المواطن المغربي اليوم يدرك جيداً أن هامش الحرية لديه ضيقٌ جداً، وأن لا أحد يكترث لما يقول، كأن تعلي صوتك في وجه "الأصم".
الحسيمة اليوم تنعى قتلى زلزال 2004، ومنكوبيه وجرحاه.. تنعى الأيتام الذين خلفتهم هذه الكارثة الطبيعية، التي ما تزال تزورنا في كل مرّة وحين.. وما تزال وفية في زياراتها المتوالية، التي لم تنتهي بعد.
الحسيمة تنعى هجرة أبنائها الأذكياء، وأطرها الكبيرة إلى الخارج.. الذين لم يجدوا بُدّاً من البقاء داخل رقعة جغرافية لا تحترم فيها أدنى حقوق الإنسان.. هؤلاء جميعاً، رحلوا عن أرضهم وتكونوا داخل أراض أخرى، فصاروا يمثلون الدول التي يتواجدون بها حالياً، والمدن التي يسكنونها.. الشيء الوحيد الذي يربطهم بأرض الريف، حبّها الذي سكنهم، والذي جعلهم معترفين بأصولهم، غير متنكرين لها.
حين يخبرني أحدهم أن خلجاننا من أجمل خلجان العالم كله، أتذكر جمالية مدينتي وروعة طبيعتها، وكرم أناسها..أبتسم وينشرح صدري لهذا.. لكن ابتسامتي سرعان ما تخفيها وتُذهبها المناكب التي لم ترحل عنّا إلى اليوم.
وسام الحنكاري
شهدت المرتفعات الجبلية بالمغرب، خلال 24 ساعة الماضية الممتدة من صباح الأحد 28 إلى صباح الاثنين 29 دجنبر، تساقطات ثلجية كثيفة واستثنائية، همّت سلاسل الأطلس... التفاصيل
عقد الفرع المحلي للجامعة الوطنية للتعليم (ا.م.ش) بمدينة الحسيمة، يوم الأحد 28 دجنبر، جمعاً عاماً لتجديد هياكله التنظيمية، وذلك بحضور منخرطين يمثلون مختلف فئات قطاع... التفاصيل
شيّعت ساكنة دوار قنين، التابع لقيادة تافوغالت بإقليم بركان، جثمان الفقيد عصام زياش، شقيق الدولي المغربي ولاعب نادي الوداد الرياضي حكيم زياش، في أجواء مهيبة... التفاصيل
بعد أكثر من عقدين على انطلاق تجربة العدالة الانتقالية في المغرب، لم يعد من الدقيق التعامل معها باعتبارها ملفًا أُغلق أو مرحلةً استُنفدت بانتهاء أشغال... التفاصيل
استنفرت مصالح الدرك الملكي والسلطات المحلية، صباح اليوم الاثنين 29 دجنبر، عقب العثور على جثة شخص ثلاثيني بأرض خلاء بمنطقة كزناية، بضواحي مدينة طنجة، في... التفاصيل
عدد التعليقات (0 )
أضف تعليقك