هكذا استقطب "داعشي" بالناظور أسر للالتحاق بسوريا والعراق

28 نونبر 2017 - 11:01

كشفت تسريبات جديدة لبعض تفاصيل التنصت على المكالمات الهاتفية الشخصية لجهاديين مغاربة، تضمنتها محاضر أمنية وقضائية إسبانية، معلومات خطيرة عن بعض تفاصيل كواليس عملية استقطابهم وتجنيدهم وسفرهم من أوروبا إلى العراق وسوريا في السنوات الأخيرة، إذ تشير هذه التسريبات إلى وجود شيخ في مدينة الناظور يحرض الجهاديين المغاربة على السفر إلى سوريا والعراق، كما يقدم الغطاء الشرعي للقيام بذلك، حتى ولو كلفهم ذلك هجر وترك أزواجهم وذويهم دون معيل. كما كشف مضامين تلك المكالمات طبيعة بعض الإغراءات التي كانت تقدمها داعش للمغاربة من أجل السفر من إسبانيا والمغرب إلى سوريا.

المعلومات التي تضمنها تحقيق نشرته صحيفة "إلباييس"، يوم أول أمس السبت، يكشف أن التنظيم الإرهابي داعش، استطاع في السنوات الماضية إقناع أسر مغربية بأكملها بالسفر إلى سوريا، من "أجل المشاركة في تأسيس الخلافة الجديدة" مقابل 20 مليون سنتيم وبيت وكلاشينكوف لرب الأسرة، علاوة على ما يسمى في أبجديات التنظيم ب"الشهادة". التحقيق قدم تفاصيل التنصت على المكالمات الهاتفية بين 8 جهاديين مغاربة وزوجاتهم وأسرهم وشيخ مقيم في المغرب.

في 16 أبريل 2014، حوالي الساعة السادسة و28 دقيقة بالتوقيت المغربي، كانت الزوجة المغربية سميرة الحلاوي، خلال مكالمة هاتفية، تتحدث مع قريبتها إكرام، مخبرة إياها بأن زوجها محمد بويخالف، البالغ من العمر 32 عاما، يريد إجبارها على السفر إلى سوريا من أجل الانضمام إلى داعش.

وأوضحت سميرة لقريبتها قائلة: "عندما أناقش معه الموضوع يخبرني أنه حسم في الأمر، وعندما يريد هو مناقشته، أجيبه بالقول إن كانت لديك الشجاعة فاذهب، لكن أريد أن أعرف وضعيتي الآن"، وأضافت أن زوجها أصبح أكثر اقتناعا بتلك الفكرة بعد أن "سافر صديق له رفقة زوجته وأطفاله إلى سوريا". في المقابل، أجابتها قريبتها قائلة: "لو كنت مكانك فلن أتركه يخوض معي في الموضوع. فقط سأقول له اترك لي وثيقة الطلاق، واخرج مع الباب، لأنه في النهاية يريد أن يزعجك".

وأمام مقاومة ورفض سميرة مرافقته كليا، التجأ الجهادي المغربي محمد إلى الشيخ عبد الرزاق بمدينة الناظور من اجل استشارته في الموضوع، وأخذ التزكية الشرعية بخصوص البقاء أو السفر لوحده. في هذا جاء في المكالمة التي دارت بينهما أن محمد قال: "قررت السفر من أجل الله ولدي زوجة لا تريد مرافقتي. لا أعرف ما أفعله، هل أتركها وأسافر لوحدي، هل هذا جائز شرعا"؛ وأجابه الشيخ قائلا: "ولماذا لا تريد السفر معك"، ورد محمد قائلا: "لأنها خائفة"، غير أن الشيخ نصحه قائلا: "استمر في محاولة إقناعها، وإذا رفضت في النهاية، يمكنك السفر، لأنك حاولت معها". لم يقتصر طلب استشارة الشيخ على زوجته، بل حتى بخصوص شقيقه، إذ أخبره أن أخا له يريد أيضا السفر صوب سوريا، لكن وجد نفس المشكل مع زوجته، غير أن الشيخ شجعهما على السفر قائلا: "الله سيرعاكما وسيعتني بكما". تشدد محمد دفعه إلى زيارة مليلية للقاء الجهادي المقعد مصطفى مايا، والذي تمكن من إرسال نحو 200 جهادي مغربي وإسباني إلى العراق وسوريا للقتال في صفوف داعش.

التحقيق أورد كذلك مكالمة هاتفية بين زوجة الجهادي المغربي نبيل بن عزو وشقيقة هذا الأخيرة، إذ كشفت لها قائلة: "أخوك نبيل يخفني. لدي إحساس بأنه قد يسافر إلى سوريا في أي لحظة. لم يعد ذلك الشخص الذي تزوجت به، أصبح شخصا آخر. هناك أشخاص يدخلون في تطرف حاد، وشقيقك بلغ هذا التطرف. أنا لا أعرف أين سيصل بكل هذا. لأنه عندما يصبح مهووسا بشيء فإنه لا يتوقف حتى يبلغه. أعتقد أن سفره إلى المغرب لديه هدف. لا أعتقد أن أربعة أصدقاء سيقررون هكذا فجأة السفر إلى المغرب". ولقد بينت التحقيقات في ما بعد أن نبيل المنحدر من الدار البيضاء كان يخبر زوجته بأنه سيسافر رفقة أصدقاء إلى المغرب، في الوقت الذي كان يذهب فيه في الحقيقة لحضور اجتماعات لخلية تابعة لكتيبة الأندلس في مزرعة بمدريد.

التنصت على المكالمة الهاتفية لمارتا ترابادو، زوجة الجهادي المغربي عبد السلام الحدوتي، يظهر كيف أنه حاول إقناعها هي وطفلها بالسفر معه إلى سوريا والعراق، في هذا تقول الزوجة إن عبد السلام كان يقول لابنه إلياس: "لا يمكن أن أثق فيك، يبدو أنك تبلغ من العمر عامين بينما من في سنك يقومون بالجهاد ويقاتلون الكفار. كن رجلا وقويا، نريد أن تكون رجلا. هل تسمعني".

يشار إلى أن هذه التسريبات تكشف مضامين التنصت على المكالمات الشخصية ل8 جهاديين مغاربة تم اعتقالهم في إسبانيا في يونيو 2014، بينما كانوا يستعدون للسفر إلى سوريا والعراق.

توفيق السليماني