28 مايو 2018 - 23:38
هذه الحلقات الرمضانية هي تأملات وقراءة أولية لبعض جوانب حراك الريف، وهي مستوحاة من نبض وزخم الحراك، الذي حظيت بفرصة ملاحظة وتتبع بعض لحظاته، والإصغاء الهادئ إلى إيقاعات هزاته وارتداداتها، ونقل شهادات حية من قلب الريف لشباب شاركوا أو تعاطفوا مع الحراك.
صرخة شباب "الني الني"
الحراك بالريف من منطلق علم الاجتماع السكاني هو نداء استنجاد لجيل كامل من الشباب المغاربة، الذين يعانون التهميش والإقصاء، إنهم شباب يطلق عليهم جيل "الني الني" (NEET).
ni étude, ni emploi, ni formation (Not in Education, Employment or Training). أعمارهم ما بين 15 و24، وهم بدون شغل، بدون تمدرس وبدون تكوين. وحسب الإحصائيات السكانية لـ2014 هم يمثلون ما يقارب خمس سكان المغرب. ويؤكد التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لعام 2016 أن نسبة البطالة فــي صفــوف الأشخاص النشــيطين، الذيــن تتــراوح أعمارهـم بيـن 15 و24 سـنة، مـن النسـب الأكثر ارتفاعـا (22.5 بالمائة)، تليهـا نسـبة الأشخاص، الذيـن تتـراوح أعمارهـم بيـن 25 و34 سـنة (13.5 بالمائة). كمـا أن 64.8 بالمائة مـن الأشخاص الموجوديـن فـي وضعيـة بطالـة سـنة 2016 كانـت أعمارهـم تتـراوح بيـن 15 و29 سـنة.
وتؤكد الإحصائيات السكانية لإقليم الحسيمة لعام 2014 أن حوالي 30 بالمائة من سكان إقليم الحسيمة ومدينة الحسيمة تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما. وسجلت مدينة الحسيمة عام 2016 معدل بطالة بنسبة 21 بالمائة، وهي نسبة ترتفع بـ11 نقطة عن المعدل الوطني للبطالة بالمغرب (10.1 بالمائة). ونتيجة تأثر مداخيل العمال المهاجرين بالأزمة الاقتصادية العالمية منذ 2008 تقلصت بشكل كبير المساعدات التي يقدمونها إلى عائلاتهم بالمدينة.
ورغم بعض المشاريع التنموية التي استفاد منها بعد زلزال 2004، فقد عرف الإقليم، منذ التقسيم الجهوي الأخير بالتحديد، كسادا تجاريا كبيرا، حيث أغلقت العديد من المتاجر أبوابها، واضطرت عدة مراكب صيد ومئات البحارة إلى مغادرة ميناء الحسيمة نحو موانئ أخرى. كما أن غياب البنيات الإنتاجية أو الاستثمارات المنتجة لفرص الشغل ساهم في هجرة مكثفة للشباب نحو المدن الكبرى، خاصة طنجة وتطوان، مما أدى إلى تفريغ المدينة والكثير من القرى من ساكنتها. وحتى الذين يضطرون إلى البقاء في إقليم الحسيمة بدون عمل يعيشون ظروفا قاسية تصل حد اليأس بسبب الملل والفراغ القاتل، حتى أنهم أطلقوا على الحسيمة "المدينة الشبح"، إذ في فصل الشتاء تكون شبه فارغة وتفقد حركيتها، خصوصا بعد توجه أغلبية الشباب إلى الجامعات. عبارات "إِخْوَا رْحَارْ" (المدينة فارغة)، "إِمُوثْ رْحَارْ" (الوضع راكد) و"يَغْرَا رْحَارْ" (الأثمنة غالية) تحولت إلى متلازمة يتعايش معها سكان المدينة وتجارها بعد أن تحول الركود الاقتصادي إلى وضع مزمن، وأصبحت المدينة من أغلى المدن على المستوى المعيشي بالمغرب. نحن في منتصف شهر أبريل 2018.. الساعة العاشرة صباحا.. لا شيء يوحي بالحياة في الحيين الشعبيين المجاورين "الرومان" و"كوزينا".. الأزقة خالية وهادئة هدوء القبور وكأن لا أحد يسكن هنا. في السبعينيات والثمانينيات كانت الحركة تدب فيهما منذ الصباح الباكر، حيث تتوجه النساء إلى معامل تصبير السمك (صالاديرو)، ويتوجه الرجال إلى الميناء أو إلى العمل في البناء أو "تراباندو" (التهريب المعيشي)، لكن اليوم معظم الشباب هاجروا إلى إسبانيا وبلجيكا وهولندا، ومن تبقى منهم في الحي ينتظرون أي فرصة سانحة للهجرة إلى هولندا، التي تحولت إلى حلم وردي كبير بالنسبة إليهم.
العديد من الشباب الذين انقطعوا عن الدراسة لا يجدون عملا، ولديهم شعور بالخواء وعدم الإحساس بالزمن والمكان، وهذا ما يعبرون عنه بمقولة: "نَشِنْ نْوَدَا ذَا" (نحن تائهون وغرباء هنا). يقول "ج. م" متحسرا على ما آلت إليه الأوضاع بالمدينة: "لم يعد لنا مكان في هذه المدينة، لم يعد هذا المكان يتحملنا (أُخِكَسِ أُمْكَنْ) نحن نختنق (نَغُفّثْ)، ليس لي حظ، لقد حاولت مرتين لحريك إلى أوروبا، لكني فشلت، أصبحت أنا وأصدقائي كالخفافيش، نعيش في الليل وننام بالنهار، الملل يقتلنا (إِشَاخْ رَقْنَظْ)، الوضع ممل (إِزْهَمْ ذَا الحَارْ)، والعمر يتقدم، ولا أعرف ماذا ننتظر، أبواب العمل منعدمة، إنها مدينة للموظفين والمتقاعدين، لا شيء يتغير هنا، نحن أحياء أموات (أَخْمِي نَدَا أَخْمِي نَمُوثْ)، نريد الفكاك من هنا (نَازُو أَنْفَكْ أَسَّا)".
وبالطبع، الوضع أكثر بؤسا في العالم القروي، وبالخصوص في المناطق الجبلية والمناطق البعيدة عن المراكز الحضرية، حيث تنعدم الشروط الدنيا للعيش اللائق. ويتذمر الشباب كثيرا من هندسة السياسات التنموية بإقليم الحسيمة، ومن غياب ثقافة الإنصات والاستماع إليهم، "نحن معلقون هنا منذ زمن، نعاني هنا قلة العمل وغياب آفاق إقامة مشروع تجاري صغير، ورغم ذلك انظر ماذا يفعل المسؤولون، عوض بناء مصانع ووحدات إنتاج توفر فرص الشغل يقومون في كل مدة ببناء فنادق ضخمة تبقى فارغة طوال السنة تقريبا، وبتبليط الشوارع، ونزع الزليج من الأرصفة والساحات العمومية. انظر كورنيش صاباديا، كل الأكشاك والمقاهي مغلقة باستثناء فترة منتصف يوليوز وشهر غشت، ومع ذلك يريدون إنشاء الجسور المعلقة، والربط بين الشواطئ. إنها قمة السكيزوفرينيا".
محمد سعدي / أستاذ حقوق الإنسان والعلوم السياسية بجامعة محمد الأول بوجدة
تتوقع المديرية العامة للأرصاد الجوية، بالنسبة لليوم السبت، تشكل كتل ضبابية محلية شمال غرب الأقاليم الصحراوية، و ذلك خلال الصباح، على أن تكون الأجواء غائمة... التفاصيل
من المنتظر أن تمثل مجموعة جديدة تضم عشرة متهمين بالغين أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، الأسبوع المقبل، على خلفية الأحداث التي شهدتها مدينة... التفاصيل
من المرتقب أن يعرف مطار الشريف الإدريسي بالحسيمة تعليقاً مؤقتاً للرحلات الجوية خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بسبب برمجة تدريبات عسكرية ستُجرى في محيط المطار،... التفاصيل
مثُل، يوم الجمعة 8 نونبر 2025، أمام محكمة أنتويرب البلجيكية، المتهم نور الدين هـ.، الملقب بـ"البدين"، البالغ من العمر 37 عاماً، في واحدة من أكبر... التفاصيل
أطلق المجلس الإقليمي للدريوش خلال شهر نونبر الجاري سلسلة من المشاريع الطرقية الهامة، تروم تعزيز البنية التحتية وتحسين الربط بين الجماعات القروية بالإقليم، عبر بناء... التفاصيل
عدد التعليقات (1 )
-1-
29 مايو 2018 - 01:43
أضف تعليقك