rif category
rif category

باحث تونسي: وعي سكان الحسيمة وتضامنهم عنصر حاسم لكسب تحدي 'كورونا'

في الواجهة

12 أبريل 2020 - 20:47

باحث تونسي: وعي سكان الحسيمة وتضامنهم عنصر حاسم لكسب تحدي 'كورونا'

وصف الباحث والصحفي التونسي منصف السليمي، دورية الشكر التي قامت بها السلطات المحلية والأمنية بمدينة الحسيمة، لتوجيه رسائل الشكر إلى المواطنين على إلتزامهم بالحجر الصحي بـ"المشهد غير المألوف في بلد عربي" على حد قوله.

وشدّد الباحث التونسي في مقال تحليلي نشر على الموقع الالكتروني لقناة دويتشه فيله الألمانية، على ان التزام سكان الحسيمة يبرهن على أن وعي الناس هناك وتضامنهم عنصر حاسم في كسب التحديات والانتصار على المحن.

وخاض المحلل والباحث منصف السليمي في مقاله المطول في مقارنة تحليلية بين تفاعل المواطن مع الدولة في اطار تدابير الحجر الصحي، في دول تونس والمغرب والجزائر ومصر، وكذا أساليب التعامل التي وظفتها هذه الدولة في هذه الحالة الطارئة مع جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

وفيما يلي مقتطفين من المقال التحليلي المطول للباحث التونسي منصف السليمي:

"...في مشهد غير مألوف في بلد عربي، يصدح ميكروفون رجال الأمن ومسؤولو الإدارات المحلية ليوجهوا رسائل الشكر والإشادة بمواطنيهم في مدينة لانضباطهم والتزامهم بالحجر الصحي. وأي مدينة، إنها مدينة الحسيمة الواقعة في الريف شمال المغرب، وهي مدينة ارتبط تاريخها منذ حوالي قرن من الزمن بالانتفاضات ضد الاستعمار الاسباني والفرنسي ثم ضد الحكم المركزي بعد إستقلال البلاد، بل إن معتقلين من المدينة بسبب حراك وقع فيها سنة 2017، ما يزالون يقبعون في السجون، وكانت الأوضاع الصحية السيئة في المنطقة من أهم الأسباب التي دفعتهم للخروج إلى الشارع.

في فبراير/ شباط 2004، زرت الحسيمة في ظروف طوارئ، كمراسل لتغطية أسوأ زلزال تعرضت له المدينة، في تاريخها، سقط فيه أكثر من ستمائة قتيل وعدد أكبر من المصابين. وكان سكان المدينة وأحيائها المجاورة المكتظة (حوالي 400 ألف نسمة) يبلون متضامنين في مواجهة أهوال الزلزال الذي لم تتوقف هزاته الارتدادية طيلة أيام وليال كانت تتمدد وكأنها شهور.

التزام سكان الحسيمة يبرهن على أن وعي الناس هناك وتضامنهم عنصر حاسم في كسب التحديات والانتصار على المحن، ولا علاقة له بالخضوع أو الطاعة لأوامر السلطة.. ففي أحياء ومدن أخرى من المملكة المغربية، نقلت مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد يبدو فيها رجال الأمن وهم يصفعون شبانا ومواطنين يخرقون الحجر الصحي، وقد تكون بعض تلك المناطق معروفة بتصويتها في الانتخابات لأحزاب الموالاة.

في مثل تلك المناطق تظافر الفقر وضعف الوعي لدى السكان بمخاطر الوباء، فأدى إلى تلك الخروقات، التي تفيد إحصاءات عديدة لوزارة الصحة المغربية، بأنها تتسبب في انتشار أفقي واسع للفيروس، ومن بين العوامل التي ساهمت في انتشار العدوى طبيعة العلاقات الأسرية..."

"...بينما تسجل الإحصاءات التي تنشرها وزارات الصحة في تونس ومصر والمغرب والجزائر، وجود أعداد قليلة من الإصابات بالفيروس في مناطق عديدة مثل صعيد مصر، ومحافظات سيدي بوزيد وسليانة والقصرين التونسية، وعلى غرار منطقة الحسيمة والأطلس المتوسط وأقاليم جنوب المغرب الصحراوية، هنالك أمثلة من الجزائر في منطقة القبائل ووهران والأقاليم الصحراوية جنوبا.

ولا تتوفر هذه المناطق من بلدان شمال أفريقيا، على تجهيزات صحية أفضل من نظيراتها التي تسجل بها أرقام مرتفعة من الإصابات، لا بل إنها في غالب الأحيان تصنف ضمن المناطق الأقل حظوظا في التنمية. وهنالك من الخبراء من يشير إلى أن مثل هذه المناطق هي أقل تداخل بشري مقارنة مع مناطق سياحية أو مناطق تنتشر فيها الأنشطة الاقتصادية، حيث تسجل فرص انتشار عدوى الفيروس على نطاق أفقي أوسع وبوتيرة أسرع.

بيد أن خاصية مهمة يمكن التوقف عندها في تحليل العوامل التي تساهم في الانضباط العام والتزام الحجر الصحي، بمناطق دون أخرى في البلد الواحد.

أولهما، روح التضامن القوية بين السكان المحليين، ومن شأن هذا العامل أن يشيع روح الاطمئنان والسكينة، لأن أهلهم وجوارهم وأبناء عشيرتهم لن يتركوهم يموتون جوعا!

وثانيها، وجود أنساق من القيم والتقاليد المحلية التي يستند إليها الأعيان والمراجع المجتمعية أو الدينية في بسط نفوذها على السكان المحليين، وهي خاصية ما تزال تلعب دورا كبيرا في مناطق مثل ريف المغرب والأطلس المتوسط وأقاليم الصحراء وصعيد مصر ومناطق جنوب الجزائر وتونس ووسطها. وتكشف الأزمة الحالية إلى أي حد تحتاج الدولة الحديثة إلى الاعتماد على أدوات محلية متداخلة، ثقافية ودينية ومجتمعية، كآليات للضبط الاجتماعي وبسط نفوذ مؤسسات الدولة وتمرير قراراتها.

كما يظهر في مواجهة مثل هذه التحديات، تفاوت ملحوظ في أداء الأنظمة السياسية ببلدان شمال أفريقيا، ففي بلد مثل المغرب حيث تتداخل بينة الدولة الحديثة بهياكل "المخزن"(مصطلح يطلق على الحكم المركزي التقليدي بالمغرب) وسلطة الملك الدينية، تُمكّن الدولة من أدوات أكثر نجاعة في الضبط الاجتماعي ومرونة في مواجهة الأزمات. وقد أظهر أداء "القايدة حورية" بمدينة آسفي جنوب غرب المغرب، وتفاعل السكان المحليين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، نجاعة أهمية الدور الذي تلعبه البنيات العميقة للسلطة في علاقتها بالمجتمع..."

دليل الريف عن دويتشه فيله - بتصرف

عدد التعليقات (0 )

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك

line adsense

انقلاب شاحنة واحتراقها على الطريق الوطنية رقم 2 بين الحسيمة وشفشاون

 شهدت الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين شفشاون والحسيمة، أول أمس الخميس، حادثاً خطيراً بعد انقلاب شاحنة وخروجها عن مسارها على مستوى جماعة أونان بدائرة... التفاصيل

الحسيمة.. السجن النافذ لسيدة ابتزّت صديقتها بصورها للحصول على مبالغ مالية

 أيّدت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، الحكم الابتدائي الصادر في حق متهمة توبعت في ملف يتعلق بالتشهير والتهديد بإفشاء أمور شائنة، مع تعديل العقوبة بالتخفيض... التفاصيل

امغار يدق ناقوس الخطر تأخر تفعيل المحميات البحرية بالحسيمة والساحل المتوسطي

 وجّه الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، بتاريخ 24 نونبر 2025، سؤالاً كتابياً إلى كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه... التفاصيل

مقتل شاب رمياً بالرصاص في عملية اطلاق نار في هولندا

 شهدت مدينة ميبل شمال هولندا، مساء الجمعة، حادثة إطلاق نار مروعة أودت بحياة شاب يبلغ من العمر 26 عاماً ينحدر من مدينة رالته، حيث فشلت... التفاصيل

الحسيمة.. احتفاء بأبناء أسرة الأمن الوطني المتميزين وتكريم متقاعدين

 شهد مقر الأمن الجهوي بالحسيمة، اليوم حوالي الثالثة والنصف زوالاً، تنظيم حفل التميز لفائدة أبناء نساء ورجال الأمن الوطني المتفوقين في امتحانات البكالوريا برسم الموسم... التفاصيل

line adsense