23 فبراير 2023 - 11:56
شهدت رحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس يومه الجمعة 17 فبراير 2023 على الساعة العشرة صباحا، مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام في موضوع “الآليات الأممية لحقوق الإنسان وتأثيراتها على المنظومة الحقوقية الوطنية” تقدم بها الطالب الباحث مَحمد أمزيان.
وعقب مداولة اللجنة، تقرر قبول الأطروحة مع منح الطالب الباحث لقب دكتور في القانون العام بميزة مشرف جدا. وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة:
د. الحسن الوارث أستاذ التعليم العالي ،فاس مشرفا ورئيسا
د. رشيد المرزكيوي أستاذ التعليم العالي، فاس مقررا
د. العربي عبد الحليم أستاذ التعليم العالي، فاس مقررا
د. احمد راشدي أستاذ مؤهل ،مكناس مقررا
وخلال العرض الذي ألقاه الباحث أمام لجنة المناقشة، استعرض أهمية موضوع حقوق الإنسان على المستوى الوطني والدولي، حيث يَحضى باهتمام كل الفاعلين بغية تعزيز الوعي الحقوقي، وتكريس ثقافة حقوق الإنسان على المستوى العالمي، على اعتبار أن انخراط الدول في المنظومة الحقوقية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان يعني اختيارها التفاعل مع مختلف الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، وآلياتها، قصد تأهيل المنظومة الحقوقية الوطنية، ودسترتها.
ولهذا، فإن المغرب ليس بمنأى من هذا التفاعل، فيعود انخراطه الأول إلى بداية السبعينيات، حينما صادق على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز العنصري بتاريخ 18/12/1970، وشكل هذا الانخراط اللبنات الأولى للتفاعل مع الآليات الأممية، إلا أن الممارسة الاتفاقية للمغرب عرفت تطورا مطردا، وكذا، التدرج في الانخراط بفعل مجموعة من العوامل منها الانفراجات السياسية والانفتاح الديمقراطي الذي عرفه المغرب خصوصا بداية التسعينيات من القرن الماضي، وهذا التطور يتضح أن الممارسة الاتفاقية في البداية كانت تتسم باللجوء إلى التحفظات على مجموعة من مقتضيات الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، غير أنه بعد انخراطه الواسع في جميع الاتفاقيات الأساسية التسع والتجاوب مع مختلف آلياتها قام المغرب بمراجعة شاملة للتحفظات وتحويلها إلى إعلانات تفسيرية في هذا الشأن.
تهدف الأطروحة إلى دراسة الآليات الأممية لحقوق الإنسان وتأثيراتها على المنظومة الحقوقية بالمغرب، وابراز مدى تفاعله مع هذه الآليات، وفهم طبيعتها، والوقوف عند التحولات التي تشهدها هذه العلاقة بفعل انخراطه بشكل كبير في الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، ومحاولات ايجاد المخرجات والحلول للاشكاليات التي تواجه هذا التفاعل مع جميع الهيئات التعاهدية، ولكل آليات مجلس حقوق الإنسان.
إن دراسة تأثير الآليات الأممية لحقوق الإنسان على المنظومة الحقوقية بالمغرب، لا يعدو أن تكون علاقات تعاون فقط، بل قد تكون أحيانا سلوكــات الدولــة سلبية في بعض الأحيان، والأمر يختلف من آلية إلى أخرى، والأهم هــو أن علاقة المغرب بآليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لا تحكمها القطيعة والانعزال، لاسيما، وأنه منخرط في الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، وهيئاتـها، وفي المساطر الخاصة، وخضع المغرب للاستعراض الدوري الشامـــل أربع مرات، ولهذا، فإن هذه الأطروحة تلامس حدود وطبيعة هذا التأثير على المنظومة الحقوقية الوطنية، ولهذا، فإن هذه الدراسة تحاول معالجة بعض التساؤلات المركزية، إلى أي حدود استطاعت الآليات الأممية التأثير على التشريعات الحقوقية بالمغرب، ومن خلالها على مستوى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية؟ وما مدى طبيعة هذا التفاعل؟.
وقد عالج الطالب الباحث هذه الاشكالية من خلال تقسيم الدراسة إلى قسمين:
• القسم الأول: تطرق إلى تحليل وضعية تأثير الآليات الأممية لحقوق الإنسان على التشريعات الوطنية، والوقوف عند مؤشرات انخراط المغرب في المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وطبيعة سموها، ودور اللجان الأممية ومكانة توصياتها في تأهيل المنظومة التشريعية الوطنية، والتغيرات التي عرفتها هذه المنظومة الحقوقية، كخيار ديمقراطي.
• القسم الثاني: تناول فيه التدابير التنفيذية لاعمال التوصيات الأممية من خلال السياسات العمومية المتخذة، مع الكشف عن بعض الأعطاب والاكراهات التي تحول دون تعزيز تفاعل المغرب مع اللجان الأممية، وغيرها من الآليات العاملة في مجال حقوق الإنسان، مع اقتراح بعض التدابير الواجب اتخاذها لتأهيل هذا التفاعل بشكل ايجابي، والانتقال من استقبال المعايير الدولية لحقوق الانسان إلى المساهمة في انتاجها واعدادها.
خلصت هذه الدراسة إلى مجموعة من الاستنتاجات ذات الارتباط بالتأثير الموضوعي للجان الأممية لحقوق الإنسان على المنظومة الحقوقية الوطنية، تناولها الباحث في محورين أساسيين:
المحور الأول: طبيعة تأثير المعايير الدولية لحقوق الإنسان على التشريعات الوطنية
وتجاوبا مع هذا التأثير الايجابي، مكنت المغرب من المشاركة في الاستحقاقات الحقوقية الدولية، حيث سعى جاهدا إلى تقديم التقارير الأولية والدورية أمام هيئات المعاهدات، واستقبال الفرق والخبراء والمقررين الخاصيين الأمميين...، ورغم تفاعل المغرب مع التوصيات والملاحظات الختامية والتقارير التي تصدرها اللجان، إلا أنه أحيانا يطبعه بعض الاختلالات تدبيرية، يمكن ايجازها فيما يلي:
أولا: ضعف تجاوب المغرب من حيث الممارسة الاتفاقية لتطور القانون الدولي لحقوق الإنسان
فالصكوك الدولية لحقوق الإنسان تتمتع بشرعية دولية، وتعكس بجلاء روح المبادئ العامة لحقوق الإنسان، فلا يمكن للدولة الطرف، الاقتصار على اتفاقيات عامة فقط، فلا بد من المصادقة على البروتوكولات المكملة لبعض الاتفاقيات، على اعتبار أن ترابط وتماسك الحقوق وعدم قابليتها للتجزيء، يتطلب التجاوب مع المواثيق الخاصة والموضوعاتية، ورفع بعض التحفظات المسطرية أثناء الانضمام أو المصادقة.
وهناك بعض القصور من حيث الملاءمة والمطابقة، نظرا لوجود بعض الأحكام غير مسايرة لأهداف الاتفاقيات التي صادق عليها المغرب، والشيء نفسه ينطبق على الحماية القضائية لهذه الحقوق، وغالبا ما يتم استبعاد العمل بهذه المقتضيات لصالح القوانين الوطنية، بسبب اعتماد أسلوب تقليدي الذي يطغى على العمل القضائي بشقيه العادي والإداري.
ثانيا: محدودية تفاعل المغرب مع اللجان الأممية لحقوق الإنسان
تم تسجيل بطء في ترجمة الاتفاقيات الدولية على المستوى الوطني، الأمر راجع إلى غياب إرادة سياسية حقيقية لوضع القطيعة مع الأسلوب التقليدي الذي يطبع تفاعل المغرب مع هذه الاتفاقيات، الناتج عن ضعف آليات التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان، وعدم مواكبة المشرع للتوصيات والملاحظات التي تصدرها اللجان الأممية بشكل فعال.
على المستوى المؤسساتي، شكل عدم استقرار الآليات الوطنية لحقوق الإنسان في التفاعل مع اللجان الأممية بهدر الرصيد التجريبي للفعل الحقوقي، حيث كانت في السابق الوزارة الخارجية هي الآلية الوحيدة المكلفة بتدبير ملف حقوق الإنسان على مستوى الاقليمي والدولي، ونظرا للتطور المهم الذي عرفته المنظومة الحقوقية الوطنية، عمل المغرب على احداث آليات وطنية مستقلة لاعداد وتقديم التقارير، ومواكبة الوضع الحقوقي عن كثب.
وهنا تحديات أخرى مرتبطة باللجان الأممية وطرق عملها، منها على مستوى الاجراءات المتخذة لفحص تقارير الدول، فقد عرفت هذه اللجان تضخما من حيث كثرة التقارير التي تقدمها دول الأطراف، مما يعرقل نظام اشتغالها، ويشكل تحديا يعيق تفاعل الدول معها، أو أحيانا هذه اللجان تستعين بالتقارير التي يقدمها المجتمع المدني، وغالبا ما تمتاز بمعطيات غير دقيقة، الأمر يتطلب إعادة تأهيل نظم اشتغال هذه اللجان وغيرها من آليات مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة، حتى يتسنى لها فحص كل التقارير بشكل دقيق، وضبط كل المعطيات والمعلومات التي تتلقاها عن حالات حقوق الإنسان للدولة الطرف.
المحور الثاني: الاجراءات العملية لتأهيل التعاون بين المغرب واللجان الأممية
إن معالجة محدودية تجاوب المغرب مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وجب تغيير أساليب العمل، ورفع عدد من الاكراهات التشريعية والمؤسساتية التي تعرقل التجاوب التام مع هذه الآليات، وبالرغم من اعتبار المغرب رائدا على مستوى الإفريقي والعربي من حيث استقبال عدد مهم من المساطر الخاصة (خبراء وفرق العمل والمقررين الخاصيين...)، والذي يشكل مؤشرا على انفتاح المغرب على المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، إلا أن جل هذه الزيارات تخضع لقيود وشروط متعددة، وهو ما يتطلب:
الانخراط المبكر والواسع في أشغال إعداد وصياغة المنظومة الحقوقية الدولية؛
الانفتاح على المساطر الخاصة؛
التجاوب مع آليات الشكاوى الفردية؛
تعزيز الخبرات المغربية داخل أجهزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان؛
تجاوز أعطاب التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان.
علما أن مسلسل إعداد خطة عمل وطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان اتسم بمجموعة من التعثرات على مستوى الاجراءات المتخذة في إعدادها، باعتبارها ورشا وطنيا مهما، كان لا بد من اعتمادها، بناء على المعايير التي وضعتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتوفير آليات التقييم والتحيين، وتعزيز الموارد البشرية والمالية الكفيلة لتتبعها، وأن يكون مشروع الخطة من أولويات التدبير الحكومي، وأن يتوافق إطاره الزمني مع فترة ولاية الحكومة.
تعزيز أدوار الفاعلين غير الحكوميين
إذا كانت الدولة هي المسؤولة في إعمال حقوق الإنسان، فإن الأمر لا يعفي باقي الفاعلين غير الرسميين من الاضطلاع بأدوارهم على مستوى الحماية والنهوض بهذه الحقوق، وتكريس الممارسات الفضلى لتأهيل أدوار المجتمع المدني ليتسنى له التفاعل مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بشكل مقبول.
متابعة



أفادت المديرية العامة للأرصاد الجوية بأنه يرتقب تسجيل تساقطات ثلجية وأمطار قوية محليا وأحيانا رعدية، يومي الأحد والاثنين المقبلين، بعدد من مناطق المملكة. وأوضحت المديرية، في... التفاصيل
شهدت الطريق الوطنية رقم 2 الرابطة بين شفشاون والحسيمة، أول أمس الخميس، حادثاً خطيراً بعد انقلاب شاحنة وخروجها عن مسارها على مستوى جماعة أونان بدائرة... التفاصيل
أيّدت الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، الحكم الابتدائي الصادر في حق متهمة توبعت في ملف يتعلق بالتشهير والتهديد بإفشاء أمور شائنة، مع تعديل العقوبة بالتخفيض... التفاصيل
وجّه الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، بتاريخ 24 نونبر 2025، سؤالاً كتابياً إلى كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه... التفاصيل
شهدت مدينة ميبل شمال هولندا، مساء الجمعة، حادثة إطلاق نار مروعة أودت بحياة شاب يبلغ من العمر 26 عاماً ينحدر من مدينة رالته، حيث فشلت... التفاصيل
عدد التعليقات (0 )
أضف تعليقك