20 دجنبر 2024 - 19:44
احتفت أربيل الكردية- العراقية بداية الأسبوع الجاري بالمفكر و الحقوقي العراقي الدكتور الحسين شعبان، الذي يشغل رئيس اللجنة العلمية لمركز الذاكرة المشتركة من اجل الديمقراطية و السلم، و كان من ضمن الحاضرين في حفل التكريم ، الذي حضره ازيد من مئتي اكاديمي و حقوقي و سياسي و شاعر و روائي من شمال افريقيا و الشرق الاوسط، الاستاذ بوطيب عبد السلام رئيس المركز، و قد قدم في الرجل الشهادة الاتية:
عندما طلبت مني مؤسسةُ دارِ سعادِ الصباح، الجهةُ المُنظِّمةُ لهذا التكريمِ البهيِّ، تقديم شهادةٍ عن أخي، وصديقي الدكتورِ الحسينِ شعبانَ، كتبتُ النصَّ، على ما خَمَنْتُه عندَ نهايتي من كتابتِه، في ثانيةٍ أو أقلَّ من ذلكَ بكثيرٍ، أو هكذا بدا لي ذلك، ومَرَدُّ ذلك إلى أنني كنتُ أَنتظرُ تقديمَ شهادةٍ مكتوبةٍ عن الرجلِ قبلَ أنْ أَعرفَه شخصيًّا، ونُصبحَ صديقين، وهوَ ما عَبَّر عنه عندَ تقديمِه لروايتي ما قبلَ الأخيرةِ المعنونةِ بـ "الشجرةِ الهُلاميةِ": بعدَ ساعتينِ ومن أولِ لقاءٍ لي معه اكتشفتُ أنه صديقٌ عَتيقٌ، جَرَّبَ الحبَّ مثلي، وامتلأَت رأسهُ بالأحلامِ، وفاضَ كأسُهُ الذي ظلَّ مُتْرَعًا...
راجعتُ الشهادةَ، مرةً واحدةً فقط، وقبلَ أن أتممَّ المراجعةَ كنتُ قد قررتُ أنْ أضعَ لها عنوانًا باللغةِ الإسبانيةِ:
El Houssein CHAABAN, La presencia noble, ausente o presente.
الحسينُ شعبانُ، أو نبلُ الحضورِ حاضرًا أمْ غائبًا.
وللعنوانِ حكايةٌ جميلةٌ ستعرفونَها عندَ نهايةِ مُلخَّصِ شهادتي، ومَرَدُّ هذا الاختيارِ، كذلكَ، إلى علاقاتي بهذهِ اللغةِ الجميلةِ، فهي بالرغمِ من أنها لغةُ أحدِ مُستعمري بلادي، إلا أنها اللغةُ التي قرأتُ بها الأشعارَ قبلَ أنْ أكتشفَ جمالَ اللغةِ العربيةِ وعمقَها. وقبلَ أنْ يَسمحوا لنا في بلدي، دستوريًّا، باستعمالِ، واستنطاقِ جمالِ لغتي الأمِّ: الأمازيغيةِ، ودَسْتَرَةِ تعلُّمِها، واستعمالِها في جميعِ مرافقِ الدولةِ.
لَنْ أَقْرَأَ عَلَى مَسَامِعِكُمْ الشَّهَادَةَ الَّتِي كَتَبْتُهَا عَنِ الحُسَيْنِ كَامِلَةً، لِأَنَّنِي أُحَبِّذُ أَنْ تَسْتَنْطِقُوا الحُرُوفَ الَّتِي كَتَبْتُهَا بِهَا وَأَنْتُمْ فِي خَلْوَتِكُمْ تَسْتَمِعُونَ إِلَى صَدَى مَا يُوصِينَا بِهِ دَائِمًا: أَنْ نُدَافِعَ عَلَى بَهَاءِ، وَجَمَالِ الوُجُودِ الإِنْسَانِيِّ. لِذَا سَأَقْتَصِرُ فَقَطْ عَلَى مَرْحَلَةِ اشْتِغَالِنَا المُشْتَرَكِ لِمُعَالَجَةِ مَاضِي الانْتِهَاكَاتِ الجَسِيمَةِ لِحُقُوقِ الإِنْسَانِ بِبِلَادِي المَغْرِبِ. وَهِيَ تَجْرِبَةٌ نَاجِحَةٌ وَمُهِمَّةٌ، مَا أَحْوَجَنَا لِنَقْلِهَا إِلَى كَثِيرٍ مِنْ بُلْدَانِ المِنْطَقَةِ فِي هَذِهِ الظُّرُوفِ العَصِيبَةِ الَّتِي تَمُرُّ مِنْهَا.
التَقَيْتُ بِالدُّكْتُورِ الحُسَيْنِ شَعْبَانَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فِي البِدَايَاتِ الأُولَى لِمُسَلْسَلِ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ فِي بِلَدِي المَغْرِبِ، آنَذَاكَ كُنْتُ نَائِبَ رَئِيسِ المُنْتَدَى المَغْرِبِيِّ لِلْحَقِيقَةِ وَالإِنْصَافِ، أَيْ نِقَابَةِ ضَحَايَا الانْتِهَاكَاتِ الجَسِيمَةِ لِحُقُوقِ الإِنْسَانِ الَّتِي عَرَفَهَا المَغْرِبُ مِنْ تَارِيخِ إِعْلَانِ اسْتِقْلالِهِ إِلَى غَايَةِ تَوَلِّي المَلِكِ مُحَمَّدٍ السَّادِسِ الحُكْمَ بِالبَلَدِ، أَنَا المُنْحَدِرُ مِنْ مَنْطِقَةِ الرِّيفِ، إِحْدَى المَنَاطِقِ الأَكْثَرِ تَضَرُّرًا مِنَ الانْتِهَاكَاتِ الجَسِيمَةِ لِحُقُوقِ الإِنْسَانِ، أَنْزِفُ أَلَمًا، وَحُزْنًا مِنْ جَرَّاءِ بَشَاعَةِ مَا عِشْتُهُ مِنْ عَذَابٍ خِلَالَ سَنَوَاتِ الِاعْتِقَالِ التَّعَسُّفِيِّ الطَّوِيلَةِ. أَبْحَثُ عَنْ صِيَغٍ لِجَعْلِ هَذَا الأَلَمِ الَّذِي أَجُرُّهُ مَعِي حَطَبًا نَبِيلًا مِنْ أَجْلِ قِيَامِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَإِشَاعَةِ حُقُوقِ الإِنْسَانِ فِي بِلَدِي. عَازِمًا عَلَى جَعْلِ كُلِّ الأَلَمِ الَّذِي كَانَ يَنْخُرُنِي مِنْ أَجْلِ خِدْمَةِ ذَلِكَ. وَكُنْتُ مُتَعَطِّشًا لِمَزِيدٍ مِنَ المَعْرِفَةِ الحُقُوقِيَّةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي مَجَالِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ، أَيْ مَنْهَجِيَّةِ المُعَالَجَةِ الحُقُوقِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ لِلِانْتِهَاكَاتِ الجَسِيمَةِ لِحُقُوقِ الإِنْسَانِ.
وَكَانَ الحُسَيْنُ شَعْبَانُ، الَّذِي رَافَقَنَا فِي المُنْتَدَى المَغْرِبِيِّ لِلْحَقِيقَةِ وَالإِنْصَافِ خَبِيرًا، مِنْ خِيرَةِ مُعَلِّمِينَا فِي مَجَالِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ، وَمِنْ كِبَارِ مُوَجِّهِينَا فِي حَرَكَةِ الضَّحَايَا لِلْمُسَاهَمَةِ فِي إِنْجَاحِ تَجْرِبَةِ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ بِوُضُوحٍ حُقُوقِيٍّ وَسِيَاسِيٍّ تَامٍّ. مِمَّا سَاعَدَنَا فِي الانْتِصَارِ عَلَى المُشَكِّكِينَ فِي التَّجْرِبَةِ، خَاصَّةً الَّذِينَ كَانُوا يُرَدِّدُونَ أَنَّ هَيْئَةَ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ مَا هِيَ إِلَّا خِدْعَةٌ مِنَ الدَّوْلَةِ لِاسْتِمْرَارِ النِّظَامِ فِي الحُكْمِ وَلِلإِيقَاعِ بِالحُقُوقِيِّينَ وَمُعَارِضِيهِ.
وَبَعْدَ تَأْسِيسِ هَيْئَةِ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ، اسْتَمَرَّ الدُّكْتُورُ الحُسَيْنُ فِي الاشْتِغَالِ مَعَنَا فِي حَرَكَةِ الضَّحَايَا، وَرَافَقَ كَذَلِكَ هَيْئَةَ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ، وَالحَرَكَةَ الحُقُوقِيَّةَ المَغْرِبِيَّةَ الَّتِي تَفَاعَلَتْ مَعَ التَّجْرِبَةِ، كَأَحَدِ الخُبَرَاءِ الكِبَارِ فِي مَجَالِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ وَبِنَاءِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ، مُلِحًّا عَلَى تَعْمِيقِ المَعْرِفَةِ التَّارِيخِيَّةِ وَالمَعْرِفَةِ الحُقُوقِيَّةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي مَجَالِ أَخْلَاقِيَّاتِ حُقُوقِ الإِنْسَانِ، وَالاطِّلَاعِ الوَاسِعِ عَلَى التَّجَارِبِ العَالَمِيَّةِ فِي مَجَالِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ، وَلَا سِيَّمَا الأَفْرِيقِيَّةَ مِنْهَا وَالأَمْرِيكِيَّةَ اللَّاتِينِيَّةَ، وَاضِعًا كُلَّ عَلَاقَاتِهِ وَمَعَارِفِهِ رَهْنَ إِشَارَتِنَا. لِذَا فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لَنَا فِي الحَرَكَةِ الحُقُوقِيَّةِ المَغْرِبِيَّةِ مِمَّنْ أَسْدَوْا خَدَمَاتٍ جَلِيلَةً لِلتَّجْرِبَةِ المَغْرِبِيَّةِ، وَجَعَلُوا مِنْهَا تَجْرِبَةً رَائِدَةً عَالَمِيًّا فِي مَجَالِ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ، وَمُعَالَجَةِ مَلَفَّاتِ الانْتِهَاكَاتِ الجَسِيمَةِ لِحُقُوقِ الإِنْسَانِ.
وَكَانَ الحُسَيْنُ، طِيلَةَ مُدَّةِ اشْتِغَالِ هَيْئَةِ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ، يُوصِي، وَهُوَ العَارِفُ بِكُنْهِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ، وَهَشَاشَةِ الأَطْرَافِ المُشَارِكَةِ فِي مَسَارَاتِ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ، بِضَرُورَةِ التَّسَلُّحِ بِالصِّدْقِ تِجَاهَ كُلِّ المُتَدَخِّلِينَ فِي التَّجْرِبَةِ، وَلَا سِيَّمَا تِجَاهَ المُؤَسَّسَةِ المَلَكِيَّةِ، المُبْدِعَةِ لِلتَّجْرِبَةِ المَغْرِبِيَّةِ رِفْقَةَ قِيَادَاتٍ مِنَ الضَّحَايَا، وَالرَّاعِيَةِ لَهَا، وَالضَّحَايَا، الَّذِينَ يَأْمُلُونَ فِي مُعَالَجَةِ جِرَاحِهِمْ، وَرَدِّ الاعْتِبَارِ لَهُمْ، وَتَصْحِيحِ وَضْعِيَّاتِهِمُ الاجْتِمَاعِيَّةِ وَالمِهْنِيَّةِ وَالمَادِّيَّةِ وَالإِدَارِيَّةِ.
وَعِنْدَ انْتِهَاءِ هَيْئَةِ الإِنْصَافِ وَالمُصَالَحَةِ بِإِصْدَارِ تَوْصِيَاتِهَا التَّارِيخِيَّةِ، المُؤَسِّسَةِ فِعْلًا لِلْمَغْرِبِ الدِّيمُقْرَاطِيِّ الَّذِي كُنَّا نَحْلُمُ بِهِ وَنَحْنُ شَبَابٌ، كَانَ الحُسَيْنُ يُلِحُّ بِالقَوْلِ، وَهُوَ الخَبِيرُ بِعُمْقِ التَّنَاقُضَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تَخْتَرِقَ أَيَّةَ دَوْلَةٍ تَشَجَّعَتْ وَاشْتَغَلَتْ عَلَى مَنُوَالِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ: "الآنَ بَدَأَتْ مَعْرَكَتُكُمْ الحَقِيقِيَّةُ مِنْ أَجْلِ دَمَقْرَطَةِ بَلَدِكُمْ"... إِذْ كَانَ يَعْرِفُ بِالتَّجْرِبَةِ، وَبِذَكَاءِ البَاحِثِ المُنْصِتِ بِعُمْقٍ لِلْمَخَاضِ المُجْتَمَعِيِّ المَغْرِبِيِّ، أَنَّ انْتِكَاسَةَ المَسْلَسَلِ وَارِدَةٌ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ وَحِينٍ، وَهَذَا الأَمْرُ طَبِيعِيٌّ جِدًّا فِي كُلِّ مَسْلَسَلَاتِ المُصَالَحَةِ. لِذَا كَانَ يُوصِي بِالهُدُوءِ السِّيَاسِيِّ الضَّرُورِيِّ، وَجَعْلِ اللَّحْظَةِ لَحْظَةَ انْتِصَارِ الجَمِيعِ، وَبِضَرُورَةِ تَعْمِيمِ ثَقَافَةِ الحِوَارِ، وَنَشْرِ الثَّقَافَةِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَثَقَافَةِ حُقُوقِ الإِنْسَانِ فِي المَدَارِسِ وَالثَّانَوِيَّاتِ وَالجَامِعَاتِ وَفِي الأَحْزَابِ وَالنِّقَابَاتِ وَالجَمْعِيَّاتِ المَدَنِيَّةِ، كَمَا ظَلَّ يُوصِي بِضَرُورَةِ التَّفْكِيرِ فِي مُؤَسَّسَةٍ لِتَحْصِينِ مُكْتَسَبَاتِ المُصَالَحَةِ لِصَالِحِ صِيرُورَةِ البِنَاءِ الدِّيمُقْرَاطِيِّ.
وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَبْخَلْ أَبَدًا لَا بِوَقْتِهِ، وَلَا بِأَيِّ شَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يُسَاهِمَ بِهِ مِنْ أَجْلِ تَنْوِيرِ المُجْتَمَعِ وَلَا سِيَّمَا الفَاعِلِينَ فِيهِ بِضَرُورَةِ بَقَاءِ الحِوَارِ مَفْتُوحًا بَيْنَ جَمِيعِ المُتَدَخِّلِينَ فِي الشَّأْنِ السِّيَاسِيِّ بِالبَلَدِ، لِذَا تَرَاهُ صَدِيقًا لِلسِّيَاسِيِّينَ وَالحُقُوقِيِّينَ الرَّسْمِيِّينَ، وَصَدِيقًا لِلْفَاعِلِينَ المَدَنِيِّينَ، وَصَدِيقًا لِأَشْرَسِ المُعَارِضِينَ، وَغَاضِبًا، غَيْرَ مُقَاطِعٍ، مِنْ كُلِّ مَنْ يُسِيءُ إِلَى انْفِتَاحِ الأَطْرَافِ عَلَى بَعْضِهَا البَعْضِ مِنْ أَجْلِ المُسَاهَمَةِ الهَادِئَةِ لِبِنَاءِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ.
وَمَا دَامَ مَسْلَسَلُ المُصَالَحَةِ، بِطَبِيعَتِهِ، صِيرُورَةً مُعَقَّدَةً وَطَوِيلَةً، لَا زَالَ الحُسَيْنُ عَلَى نَفْسِ النَّهْجِ، مُسَاهِمًا فَعَّالًا مِنْ أَجْلِ أَنْ يَرَى أَبْنَاءَ بَلَدِهِ الثَّانِي، المَغْرِبَ، يُسَاهِمُونَ فِي بِنَاءِ البَلَدِ الَّذِي يَتَّسِعُ لَهُمْ جَمِيعًا.
عِنْدَمَا قَرَّرْتُ، بِمَعِيَّةِ نُخْبَةٍ مِنَ الأَصْدِقَاءِ الحُقُوقِيِّينَ وَالسِّيَاسِيِّينَ، تَأْسِيسَ مَرْكَزِ الذَّاكِرَةِ المُشْتَرَكَةِ مِنْ أَجْلِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَالسِّلْمِ، بِغَايَةِ تَكْيِيفِ آلِيَّاتِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ لِلاِشْتِغَالِ بِهَا لِمُعَالَجَةِ الدِّينِ التَّارِيخِيِّ الاسْتِعْمَارِيِّ، وَلَا سِيَّمَا مُعَالَجَةِ الجَرَائِمِ غَيْرِ القَابِلَةِ لِلتَّقَادُمِ الَّتِي قَامَ بِهَا الاسْتِعْمَارُ بِبَلَدِي، كَانَ الحُسَيْنُ شَعْبَانُ حَاضِرًا بِقُوَّةٍ فِي كُلِّ نِقَاشَاتِ التَّأْسِيسِ، حَذِرًا مِنَ المَنْزَلَقَاتِ المَنْهَجِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ وَالحُقُوقِيَّةِ، حَرِيصًا عَلَى أَنْ لَا نَسْقُطَ فِيمَا يُمْكِنُ أَنْ يُثِيرَ البُغْضَ وَالكَرَاهِيَةَ بَيْنَنَا نحن المغاربة، وَأَبْنَاءَ شُعُوبِ البُلْدَانِ الَّتِي اسْتَعْمَرَتْنَا، وَهُمْ لَا يَتَحَمَّلُونَ أَيَّ نَصِيبٍ مِمَّا اقْتَرَفَهُ أَجْدَادُهُمُ الاسْتِعْمَارِيُّونَ، مُنَبِّهًا لَنَا إِلَى الطُّرُقِ المُثْلَى الَّتِي عَلَيْنَا اسْتِعْمَالُهَا لِاسْتِمَالَةِ الحُقُوقِيِّينَ، وَالإِنْسَانِيِّينَ مِنْهُمْ، خَاصَّةً وَأَنَّ أَثَرَ الجَرَائِمِ الاسْتِعْمَارِيَّةِ الَّتِي مَارَسَهَا المُسْتَعْمِرُ فِي حَقِّنَا مَا زَالَ قَائِمًا، وَإِذَا كَانَ عَلَيَّ أَنْ أَذْكُرَ هُنَا وَاحِدَةً فَقَطْ، فَأَفْظَعُ مَا مُورِسَ ضِدَّنَا مِنْ قِبَلِ مُسْتَعْمِرِينَا هُوَ قَصْفُنَا بِقَنَابِلَ كِيمَاوِيَّةٍ لِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، مِمَّا تَسَبَّبَ لِأَهَالِينَا فِي أَمْرَاضٍ سَرَطَانِيَّةٍ كَثِيرَةٍ مَا زِلْنَا نُعَانِي مِنْهَا اليَوْمَ.
لَمْ يَكُنْ بِإِمْكَانِنَا فِي مَرْكَزِ الذَّاكِرَةِ المُشْتَرَكَةِ مِنْ أَجْلِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ وَالسِّلْمِ إِيصَالُ رِسَالَتِنَا الإِنْسَانِيَّةِ الحُقُوقِيَّةِ إِلَى أَبْنَاءِ مُسْتَعْمِرِينَا القُدَامَى، وَلَا إِلَى الأُورُبِّيِّينَ عَامَّةً، وَلَا إِلَى العَالَمِ، وَلَا حَتَّى إِلَى أَبْنَاءِ شَعْبِنَا بِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّ مَا نَشْتَغِلُ عَلَيْهِ فِي مَرْكَزِ الذَّاكِرَةِ المُشْتَرَكَةِ مِنْ أَجْلِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ لَيْسَ سَهْلًا، وَيَتَطَلَّبُ تَكْوِينًا كَبِيرًا وَعَمِيقًا فِي العُلُومِ الاجْتِمَاعِيَّةِ وَالإِنْسَانِيَّةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي السِّيَاسَةِ وَالتَّارِيخِ وَحُقُوقِ الإِنْسَانِ، ذَلِكَ أَنَّنَا أَوَّلُ تَجْرِبَةٍ فِي العَالَمِ تُحَاوِلُ تَكْيِيفَ آلِيَّاتِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ لِلاِشْتِغَالِ بِهَا عَلَى سُؤَالِ الدِّينِ التَّارِيخِيِّ الاسْتِعْمَارِيِّ.
لِذَا عِنْدَمَا اسْتَشَرْنَا فِي الأَمْرِ مَعَ الدُّكْتُورِ الحُسَيْنِ شَعْبَانَ، وَافَقْنَا الرَّأْيَ عَلَى أَنْ نَنْقُلَ جُزْءًا مِنْ هَذِهِ الإِشْكَالِيَّاتِ الَّتِي نَطْرَحُهَا إِلَى مَهْرَجَانٍ سِينَمَائِيٍّ حُقُوقِيٍّ سِيَاسِيٍّ دَوْلِيٍّ، يَبْتَغِي الحِفَاظَ عَلَى دَوْرِ السِّينِمَا كَفَنٍّ نَبِيلٍ، وَيَنْشُرُ عَبْرَهَا وَعْيًا حُقُوقِيًّا بِثَقَافَةِ العَدَالَةِ الانتِقَالِيَّةِ وَثَقَافَةِ المُصَالَحَةِ بَيْنَ الشَّعْبِ الوَاحِدِ، وَكَذَلِكَ بَيْنَ شُعُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ وَرِثَتْ مَشَاكِلَ سِيَاسِيَّةً وَحُقُوقِيَّةً مِنْ فَتَرَاتٍ مَضَتْ، وَلَا سِيَّمَا الفَتْرَةُ الاسْتِعْمَارِيَّةُ.
هَكَذَا أَسَّسْنَا مَعًا، وَمُنْذُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَنَةً، تَجْرِبَةَ المَهْرَجَانِ الدُّوَلِيِّ لِسِينِمَا الذَّاكِرَةِ المُشْتَرَكَةِ الَّذِي يَنْعَقِدُ كُلَّ خَرِيفٍ بِمَدِينَةِ النَّاظُورِ – شَمَالِ المَغْرِبِ –، وَهُوَ المَهْرَجَانُ الَّذِي حَضَرَهُ الدُّكْتُورُ شَعْبَانَ مُنْذُ تَأْسِيسِهِ إِلَى آخِرِ دَوْرَةٍ، وَلَمْ يَغِبْ عَنْهُ إِلَّا خِلَالَ دَوْرَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ دَوْرَاتٍ، وَعِنْدَمَا كَانَ يَغِيبُ كَانَ يَكُونُ أَكْثَرَ حُضُورًا، حَيْثُ إِنَّ كُلَّ الضُّيُوفِ يَبْدَؤُونَ بِالسُّؤَالِ عَنْ صَدِيقِهِمُ اللُّبْنَانِيِّ، قَبْلَ أَنْ يُصَحِّحَ لَهُمْ آخَرُ أَنَّهُ عِرَاقِيٌّ، وَثَالِثٌ أَنَّهُ فِلَسْطِينِيٌّ، وَرَابِعٌ أَنَّهُ سُورِيٌّ... وَخَامِسٌ أَنَّهُ كُوَيْتِيٌّ، وَسَادِسٌ أَنَّهُ عُمَانِيٌّ.
**وَفِي العَادَةِ مَا كَانَ يَحْسِمُ هَذَا السُّؤَالَ صَدِيقٌ إِسْبَانِيٌّ مُشْتَرَكٌ لَنَا بِالقَوْلِ:
* El Houssein CHAABAN, La presencia noble, ausente o presente.
* الحُسَيْنُ شَعْبَان، الحُضُورُ النَّبِيلُ، غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا.**
هَكَذَا كَانَ الحُسَيْنُ، وَمَا زَالَ يُؤَشِّرُ بِحُبٍّ نَبِيلٍ عَنْ حُضُورِهِ، حَاضِرًا كَانَ أَمْ غَائِبًا.
شُكْرًا لَكُمْ.
تستعد مدينة الحسيمة لاحتضان ندوة حقوقية وعلمية وطنية تحت شعار "الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية بالمغرب بين واقع الممارسة ومتطلبات التفعيل"، وذلك يوم السبت 13 دجنبر... التفاصيل
وصل فجر اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 نحو 22 مهاجراً من أصل مغربي، من بينهم أربعة قاصرين على الأقل، إلى منطقة قريبة من شاطئ “لا... التفاصيل
شكلت فاجعة إحراق الفنان سوليت بالشارع العام حدثا مأساويا هزت الضمير الإنساني في كل مكان، وأعادت ترتيب التساؤلات في ضمائرنا، فكانت صفعة استفقنا على إثرها... التفاصيل
كشفت الشرطة الهولندية أن اختطاف امرأة تبلغ من العمر 49 سنة من بلدة هوفدورب مرتبط بصراع بين شبكات إجرامية دولية تنشط في تجارة المخدرات الصلبة.... التفاصيل
أصدرت غرفة الأحداث بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة، أحكاماً في حق خمسة متهمين قاصرين على خلفية أحداث إمزورن التي شهدتها المدينة مطلع أكتوبر الجاري. وقضت المحكمة بعدم مؤاخذة... التفاصيل
عدد التعليقات (0 )
أضف تعليقك