rif category
rif category

التفكك الأسري: من إصلاح مدونة الأحوال الشخصية إلى مستجدات مدونة الأسرة المغربية

كتاب الرأي

26 دجنبر 2024 - 15:34

التفكك الأسري: من إصلاح مدونة الأحوال الشخصية إلى مستجدات مدونة الأسرة المغربية

في خضم النقاشات التي أثارتها التعديلات الأخيرة على مدونة الأسرة المغربية، والتي صادق عليها المجلس العلمي الأعلى أمام أنظار الملك، بات من الضروري أن نقف وقفة تأمل وتفكر. هل نحن أمام إصلاحات تصب في مصلحة المجتمع والأسرة، أم أننا أمام سلسلة تغييرات تقود تدريجيا إلى تفكك أواصر الأسرة المغربية؟

لا يمكن الحديث عن الواقع الراهن دون العودة إلى الجذور. منذ الإصلاحات التي مست مدونة الأحوال الشخصية سابقا، ظهرت إشارات واضحة للتغير الاجتماعي العميق الذي يطرق باب الأسرة المغربية. جاءت مدونة الأسرة سنة 2004 بوعود كبيرة، عنوانها المساواة وحماية الحقوق، لكنها في الوقت ذاته زرعت بذورا جديدة في العلاقات الأسرية، حيث أعيد تعريف العديد من الأدوار داخل الأسرة بشكل يثير الجدل.

مع استمرار تطبيق مدونة الأسرة، بدأت تظهر على السطح آثارها الاجتماعية. تصاعدت معدلات الطلاق، واتسعت الفجوة بين الزوجين، خاصة في ظل التعديلات التي رأى فيها البعض ميلا لفئة على حساب الأخرى. أصبحت الأسرة المغربية في مواجهة ضغوط اجتماعية واقتصادية وقانونية تهدد استقرارها، خاصة في غياب دعم فعلي للبنية الأسرية من الدولة والمجتمع المدني.

المستجدات الأخيرة التي طرحتها مدونة الأسرة، والتي صادق عليها المجلس العلمي الأعلى، تعكس استمرارا لهذا النهج، لكنها تحمل بين طياتها أسئلة أكبر. هل يمكننا الاستمرار في تغيير القوانين دون أن نتساءل عن آثارها طويلة المدى على كيان الأسرة؟ هل يكفي تعديل النصوص القانونية دون معالجة الأسباب الحقيقية التي تدفع الأسر نحو التفكك؟

إن الحديث عن الأسرة لا يمكن فصله عن سياق الوضع العام للدولة. الأسرة المغربية ليست بمعزل عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمجتمع ككل. ماذا عن البطالة التي تفشت بشكل كبير؟ ماذا عن الجوع الذي ينهش غالبية أبناء الشعب؟ ماذا عن أزمة السكن والتعليم والصحة؟.

الدولة مطالبة بتقديم حلول شاملة تعالج هذه المشاكل من جذورها. الإصلاح القانوني وحده لا يكفي إذا لم يكن مصحوبا بإصلاحات اقتصادية واجتماعية جذرية توفر للأسر الظروف المعيشية الكريمة، وتجعل التعليم والصحة في متناول الجميع. إن النهوض بالأسرة لا يبدأ من النصوص، بل يبدأ من معالجة الفقر، من توفير فرص العمل، من توفير السكن اللائق، ومن إصلاح التعليم الذي يعد البوابة الحقيقية لأي تنمية مستدامة.

إن الأسرة هي نواة المجتمع، وأي مساس بتوازنها هو مساس باستقرار المجتمع ككل. اليوم، ونحن نشهد هذه التغيرات المتلاحقة، لابد أن نسأل: أين الحلول الشاملة التي تعالج المشكلات من جذورها؟ هل نحن بحاجة إلى قوانين جديدة أم إلى وعي جديد يعيد للأسرة مكانتها ودورها المحوري؟

إن التحديات التي تواجه الأسرة المغربية اليوم ليست فقط نتيجة قوانين جديدة، بل هي انعكاس لمجتمع يعيش تحولات عميقة. لا يمكننا تجاهل أثر العولمة، وضغوط الاقتصاد، وغياب التربية على القيم، لكن الأهم هو أن ندرك أن القوانين ليست الحل الوحيد.

فلنتأمل معا: هل نحن بحاجة إلى مراجعة للقوانين أم لمراجعة الذات والدولة معا؟

سفيان المعديوي باحث في القانون خريج ماستر الاسرة والتوثيق

عدد التعليقات (0 )

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك

line adsense

الحسيمة.. العثور على شاب عشريني مشنوقا داخل شقة ببني بوعياش

  عُثر مساء يوم الثلاثاء 17 يونيو، على جثة شاب في العشرينات من عمره معلقة داخل شقة سكنية كائنة بالحي الشعبي بمدينة بني بوعياش بإقليم الحسيمة،... التفاصيل

نقابة الأمن الخاص وعاملات النظافة بالحسيمة تعقد مؤتمرها الإقليمي وتنتخب مكتبها الجديد

  عقدت نقابة الأمن الخاص وعاملات النظافة بالمؤسسات التعليمية بإقليم الحسيمة، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، مؤتمرها الإقليمي يوم الأحد 15 يونيو 2025، تحت شعار:... التفاصيل

الحسيمة.. سقوط عازل للتيار من عمود كهربائي يتسبب في إصابة خطيرة لطفل بجماعة النكور

 تعرض طفل يبلغ من العمر 12 سنة، زوال اليوم الثلاثاء 17 يونيو، لحادث عرضي بدوار تيزي ماذا التابع لجماعة النكور بإقليم الحسيمة، بعدما سقطت عليه... التفاصيل

جمعية حقوقية تطالب بالتحقيق في وفاة شابة بعد ولادة قيصرية بمستشفى الدريوش

  عبّر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإقليم الدريوش عن بالغ قلقه وأسفه عقب وفاة شابة في الخامسة والعشرين من عمرها، تدعى (ص.ل) والمنحدرة من جماعة... التفاصيل

المغرب يحقق رقما قياسيا جديدًا في عدد السياح

 أعلنت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني أن قطاع السياحة بالمغرب سجل رقما قياسيا جديدا باستقبال 7,2 مليون سائح حتى نهاية ماي 2025، بنمو... التفاصيل

line adsense