rif category
rif category

دانييل غيت، و ورطة الديوان الملكي؟

كتاب الرأي

5 غشت 2013 - 23:39

دانييل غيت، و ورطة الديوان الملكي؟

في خطوة غير مسبوقة اطلع الديوان الملكي بالرباط، بثلاثة بلاغات متتالية يحاول من خلالهما تقديم تفسيرا للورطة التي وضع فيها النظام نفسه، من خلال استخفافه في اتخاذ بعض القرارات الغير المحسوبة العواقب.

البلاغ الأول يخبرنا فيه الديوان الملكي بان الملك «لم يكن على اطلاع بأي شكل من الأشكال وفي أي لحظة بخطورة الجرائم الدنيئة المقترفة التي جرت محاكمة المعني بالأمر على أساسها»، و انه لا يعلم بتفاصيل ملف البدوفيلي الاسباني دنييل كالفان و وعد" بفتح تحقيق لتحديد المسئول أو المسئولين عن هذا الإهمال من أجل اتخاذ العقوبات اللازمة". كما أعطيت "التعليمات –حسب البلاغ نفسه- لوزارة العدل من أجل اقتراح إجراءات من شأنها تقنين شروط منح العفو في مختلف مراحله" 

البلاغ الثاني اعتبر " إطلاق السراح هذا الذي يبعث على الأسف". واخبرنا بأنه قرر التراجع أو "سحب قرار العفو عن من أسماه البيان ب"دانييل" كما أكد أن الملك أصدر "أوامره المطاعة لوزير العدل قصد التدارس مع نظيره الإسباني بخصوص الإجراءات التي يجب اتخاذها عقب قرار سحب هذا العفو".

البيان الثالث اطلعنا بان الملك محمد السادس اصدر  تعليماته، قصد اتخاذ الإجراءات اللازمة لإقالة حفيظ بنهاشم المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بعد أن تم تحميله المسؤولية في قضية إطلاق سراح البيدوفيلي الإسباني، حيث خلص التحقيق الذي أمر به الملك إلى أن الخلل كان على مستوى المندوبية.

مؤكدا انه " أثبتت الأبحاث أن هذه المندوبية زودت الديوان الملكي، عن طريق الخطأ، بمعلومات غير دقيقة عن الحالة الجنائية للمعني بالأمر، ضمن لائحة تضم 48 معتقلا يحملون الجنسية الإسبانية".

و  أمر بفتح تحقيق معمق في قضية العفو وإطلاق سراح البيدوفيلي الإسباني، حيث كلف لجنة برئاسة كل من وزير الداخلية والوكيل العام لدى محكمة النقض، بإجراء الأبحاث اللازمة في هذا الشأن.

يتضح من خلال قراءتنا للبيانات الثلاثة بأنها كلها وعدت بفتح تحقيق في الموضوع للكشف عن المسئول/ المسئولين عن "هذا الإهمال" بالرغم من إصدار التعليمات لإقالة حفيظ بنهاشم؟

إنني لست رجل قانون للبث في الموضوع من زاويته القانونية لكن باعتباري كمتتبع أحاول فهم ما يجري في بلدي و إعطاء تفسير لما وقع و ما يمكن أن يقع.

إن تمعنا مثلا في  البلاغ الأول و الذي يقول فيه الديوان الملكي بان الملك لن يكن في علمه بل لم يكن على اطلاع على الملف. أتساءل لماذا هذا الديوان إذن لم يستقيل أو يعفيه الملك من مهامه مادام هناك قصورا واضحا و اعترافا على أن الديوان لم يخبر الملك بتفاصيل هذا الملف إن صدقنا طبعا رواية الديوان الملكي نفسه.

البلاغ الثاني الذي يخبرنا بتراجع الملك عن عفوه عن الاسباني دانييل، و هي في حد ذاتها خطوة ناذرة في تاريخ الملكية بالمغرب و التي بالتأكيد سيكون لها " ما بعد". لان سحب قرار العفو سيكون له أضرارا على مصداقية النظام المغربي نفسه و الدخول في المتاهات مع الجارة اسبانيا من اجل إعادة المجرم المحكوم عليه إلى المغرب لقضاء ما تبقى من عقوبته و هذا ما يمكن أن يدخل المغرب و اسبانيا في توتر دبلوماسي و المغرب في غنى عنها في هذه الظروف الجد دقيقة وطنيا، مغاربيا و عربيا. و هذا ما قد يعطي نتائج عكسية لما أريد لقرار العفو أصلا و الذي وصفه وزير العدل مصطفى الرميد بأنه قرارا يهدف إلى خدمة"المصلحة العليا للوطن". ناهيك عن صورة و مصداقية النظام التي ستتضرر بالتأكيد بهذا النوع من الأخطاء الارتجالية.

البلاغ الثالث هو تحصيل حاصل لان كل هذه الضجة لا يمكن أن تمر مرور الكرام و لابد من إيجاد "كبش ضحية" من اجل إرضاء جزء هما من الرأي العام الذي له رؤية سيئة على مدير السجون حفيظ بنهاشم. كما أن هناك عدة تقارير سيئة حول طريقة تدبيره لإدارة السجون أبرزها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، كمؤسسة رسمية. ناهيك أن سن بنهاشم يتجاوز الخامسة و السبعين (و هو سن يفوق سن التقاعد بالمغرب).

إن النقطة المشتركة في البلاغات الثلاثة هي التنصيص على "فتح تحقيق لتحديد المسئول أو المسئولين عن هذا الإهمال" و "بفتح تحقيق معمق حول الموضوع"..الخ. بالرغم من إقالة بنهاشم و تكليف "لجنة برئاسة كل من وزير الداخلية والوكيل العام لدى محكمة النقض، بإجراء الأبحاث اللازمة في هذا الشأن" .

و عليه أتساءل معكم من هي إذن الجهة المخول لها قانونيا فتح التحقيق؟

هل هو الديوان الملكي نفسه؟

هل هو البرلمان؟

هل هو القضاء عن طريق النيابة العامة؟

أم لا احد من هؤلاء و أن كل البلاغات و إقالة بنهاشم تهدف فقط إلى تهدئة غضب الشارع و مص صدمة المواطنات و المواطنين المغاربة من جراء هذا القرار اللا مسئول القاضي بإصدار عفو مجاني لأخطر المجرمين الذين عرفهم المغرب. و كذا البحث عن كبش الضحية للتضحية به قبل حلول عيد.

في الدول الديمقراطية فان الجهة المخولة لها لإجراء تحقيقات هو القضاء و أحيانا البرلمان بتشكيله لجانا لتقصي الحقائق حول موضوع ما.

و في هذه الحالة يلعب القضاء دوره كاملا و بشكل مستقل لإظهار الحقيقة و إزالة اللثام عن الجريمة و مقترفيها.

فهل يا ترى في المغرب، يمكن إجراء تحقيق مع الملك أو أعضاء ديوانه لمعرفة أين يكمن الخلل الحقيقي و معاقبة الأضناء كيف ما كانت مكانتهم.

و هل فعلا هناك من يريد السوء للملك من بين أعضاء ديوانه آو خارجهم كما تذهب بعض التحليلات و التأويلات؟

وهل أن الملك فعلا لم يكن في علمه تفاصيل الملف؟ و في حالة العكس فهل الملك يكذب على شعبه و يهدف ببلاغاته و عزل بنهاشم فقط نزع فتيل الغضب و إسكات صوت المحتجين الغاضبين؟ باعتبار انه عاجز على تقديم اعتذار رسمي لشعبه الذي أشبعه ركلا و رفسا و قمعا في كل من تطوان و الرباط و الناضور.....

ما هو مؤكد في المغرب أن لا القضاء و لا البرلمان بإمكانهما إجراء تحقيق مستقل حول هذه النازلة. إذن فالتحقيق الذي تتحدث عنه بلاغات الديوان الملكي هي إجراءات سطحية تفتقد للنزاهة و الشفافية تقوم بها جهات غير دستورية و أن نتائجها -في حالة ما صرح بها- لن تنفع في شيء الشعب المغربي و قواه الحية التي تطالب اليوم بشكل صريح و واضح بضرورة استقلال القضاء و فصل السلطات و العمل بمبدأ عدم الإفلات من العقاب بعيدا عن التعليمات التي تتعارض كليا مع مفهوم دولة الحق و القانون.

بروكسيل/سعيد العمراني

عدد التعليقات (0 )

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك

line adsense

تساقط كثيف للثلوج بمرتفعات إقليم الحسيمة

 شهدت المرتفعات الجبلية بالمغرب، خلال 24 ساعة الماضية الممتدة من صباح الأحد 28 إلى صباح الاثنين 29 دجنبر، تساقطات ثلجية كثيفة واستثنائية، همّت سلاسل الأطلس... التفاصيل

تجديد هياكل الفرع المحلي للجامعة الوطنية للتعليم بالحسيمة

 عقد الفرع المحلي للجامعة الوطنية للتعليم (ا.م.ش) بمدينة الحسيمة، يوم الأحد 28 دجنبر، جمعاً عاماً لتجديد هياكله التنظيمية، وذلك بحضور منخرطين يمثلون مختلف فئات قطاع... التفاصيل

بركان.. تشييع شقيق الدولي المغربي حكيم زياش في أجواء مهيبة

 شيّعت ساكنة دوار قنين، التابع لقيادة تافوغالت بإقليم بركان، جثمان الفقيد عصام زياش، شقيق الدولي المغربي ولاعب نادي الوداد الرياضي حكيم زياش، في أجواء مهيبة... التفاصيل

التجربة المغربية في مجال الإنصاف و المصالحة.. العدالة الانتقالية كمنهج سيادي

 بعد أكثر من عقدين على انطلاق تجربة العدالة الانتقالية في المغرب، لم يعد من الدقيق التعامل معها باعتبارها ملفًا أُغلق أو مرحلةً استُنفدت بانتهاء أشغال... التفاصيل

استنفار أمني بضواحي طنجة بعد العثور على جثة شخص مُتفحمة

 استنفرت مصالح الدرك الملكي والسلطات المحلية، صباح اليوم الاثنين 29 دجنبر، عقب العثور على جثة شخص ثلاثيني بأرض خلاء بمنطقة كزناية، بضواحي مدينة طنجة، في... التفاصيل

line adsense