17 مارس 2016 - 23:11
لا يختلف بني البشر، على أن النزاعات اليومية، الآنية منها والمحددة، الدائمة والمتقطعة، هي سمة بارزة في كل الأمم والشعوب، فلا تكاد تجد بؤرة على وجه الأرض، إلا وتشهد صراعات وتجاذبات، يختلف مداها وتأثيرها، بقدر تنوع مجالاتها، وقد نجد في تتبعنا لمواقف المتصارعين أبعاداً أخرى، تختلف حسب الزمان والمكان، وقدرة المجتمع على التعايش معها، وقد تجتمع في الصراع الواحد عدة نقاط للإختلاف، منها ما هو عرقي، أو ديني، أو جغرافي ، لكن الفرق بين كل هذه التجاذبات، يحدده أسلوب تعامل المتنازعين مع الأطراف الأخرى، والمتدخلين فيها ، وحتى لا نستطرد في الخلاف الحاصل حول المعنى بين مصطلح “نزاع” و”خلاف”، فسأبني مقالي على ما يحدده السياق دون ملاحظة الفارق؛ ورغم الأهمية البالغة التي يجب أن يولى لهذا الموضوع، خاصة في مجتمعاتنا التي تشهد حروب وتطاحنات تعم بلداننا ، إلا أن البحوث فيه نادرة جدا، وقد بدأ اهتمامي واستقرائي لهذا الموضوع، منذ تطوعت مع زملاء لي بالحسيمة شمال المغرب، قبل أربع سنوات، لتكوين مجلس للقيادات الشابة، تابع لمنظمة البحث عن أرضية مشتركة، وكانت مهتي أن أبحث في هذا الصدد عن الجانب الديني منها، خاصة أن المنظمة لها اتفاقية تعاون مع الرابطة المحمدية لعلماء المغرب، ومن خلال الندوات والموائد المستديرة التي شاركنا فيها، و التكوينات التي استفدنا منها، وعملنا على هذا الموضوع ، وجدت أن كثيراً مما تعمل المنظمة على تقديمه لنا، كوسائل بديلة لحل النزاعات ، لها ما يوافقها من تشريعات السيرة النبوية و اجتهادات فقهاء الأمة، وتجد أصولها في كتاب الله سبحانه، وهو ما سأحاول بسط النظر في هذه المقالة على بعض جوانبه.
النظرة القرآنية الشمولية :
إذا رجعنا لآيات القرآن الكريم والسنة الصحيحة ، وما تضمنته من أسس وأحكام، ونماذج في هذا الصدد، فسنجد أن ديننا، غني بما يمكن من خلاله خلق تصور عام حول المقاربة التي إختارها الإسلام، وأسلوبه المقترح لتدبير النزاعات، وسيتبين لنا جلياً من خلال البحث في المبادئ القرآنية، أن محكم التنزيل، في حديثه عن الإختلاف قد قاربه بمنطق متكامل، يتدارس أوضاع الفرد والمجتمع، والتصور الذي يجب على الإنسان أن ينظر به إلى العالم حوله، بدءً بالإختلاف البيولوجي، و اللّغوي، والديني، بين الشعوب والقبائل ، والصراعات الدولية، السياسية والإقتصادية، والخلاف داخل المجتمع، إلى التنازع بين أفراد الأسرة الواحدة، والتي نجد أن القرآن كان حريصا في جميعها، على تغليب لغة الحوار والتسامح، وفسح المجال للحلول السلمية التفاوضية، حتى أن آيات القتال التي تحث على الدفاع عن النفس، ختمت بـ : فإن انتهوا فلا عدوان على الظالمين، بمعنى أن قدر دفاعكم عن أنفسكم ينتهي بحد انتهاء عدوانهم، وقال سبحانه في آية أخرى : وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله، انه هو السميع العليم ، وهذا يعني دعوة إلى الحل السلمي الذي لا يتأتى إلا بالحوار، وهو ما سطرته سورة الفتح، التي جعلت من صلح الحديبة فتحاً مبينا .
وللبحث في هذا الموضوع جوانب قد يحتاج لمقالات أخرى، نقف فيها على بيانها في القرآن والسيرة النبوية، وسألخلص هذا المقال على السمة العامة للموضوع .
– الإختلاف آية كونية :
وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ (آية 22 / الروم )
إن حديث القرآن الكريم عن الإختلاف، وجعله آية من آيات الله العظام، التي يجب على الفرد والمجتمع النظر إليها كدلالة على غنى كوكبنا وتنوعه، بما أودعه الله فيه من صفات مستقلة، لكل عنصر فيه ، يجعلنا أمام نظرة قرآنية مغايرة ، خاصة إذا إستوعبنا محدد العلاقة التي وضعها الكتاب الكريم، فيما بيننا وبين الأمم والشعوب الأخرى، وذلك في قوله سبحانه : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ .
اذ لم يقف حد القرآن الكريم، إلى مجرد إعطاء تصور معين، حول هذا الإختلاف، و جعله نوعاً من الآيات الكونية، التي يجب أن نتدارسها، ونتعلم أصولها، بل تعداه إلى جعله ثروة معرفية، تتميز بها الدول والمجتمعات، والذي يعني أن البلدان التي تتعدد ثقافاتها واثنياتها، هي الأكثر غنى معرفياً، وسنعود باستطراد إلى هذا المعنى، بعد أن أقف على بعض معاني آية سورة الروم السالفة ، فنتأمل كيف قارن الباري عز وجل، بين خلقه للسماوات والأرض، وما بث فيها مما نعلم ومما لا نعلم ، وبين إختلاف ألسن بني البشر، وأعراقهم وألوانهم، وهي دعوة للبحث عنها والتعرف عليها، لوكنها آية وبرهان للعالِمين، الذين يدركون أن الإنسان بتركيبته الفريدة، والمعقدة، والإختلاف بين كل البشر، إنما هو جزء من تنوع هذا الكون، و هي دلالة على مكانة هذا المخلوق، ومدى عناية الله به وبمحيطه؛ يقول العلامة الطاهر بن عاشور في تفسير هذه الآية : “ هذه الآية الثالثة وهي آية النظام الأرضي في خلق الأرض، بمجموعها وسكانها ; فخلق السماوات والأرض آية عظيمة مشهودة بما فيها من تصاريف الأجرام السماوية والأرضية ، وما هو محل العبرة من أحوالهما المتقارنة المتلازمة كالليل والنهار والفصول ، والمتضادة كالعلو والانخفاض .
وإذ قد كان أشرف ما على الأرض نوع الإنسان، قرن ما في بعض أحواله من الآيات، بما في خلق الأرض من الآيات ، وخص من أحواله المتخالفة لأنها أشد عبرة، إذ كان فيها اختلاف بين أشياء متحدة في الماهية ، ولأن هاته الأحوال المختلفة لهذا النوع الواحد نجد أسباب اختلافها من آثار خلق السماوات والأرض ، فاختلاف الألسنة، سببه القرار بأوطان مختلفة، متباعدة ، واختلاف الألوان، سببه اختلاف الجهات المسكونة من الأرض ، واختلاف مسامتة أشعة الشمس لها ; فهي من آثار خلق السماوات والأرض ، ولذلك فالظاهر أن المقصود هو آية اختلاف اللغات والألوان، وأن ما تقدمه من خلق السماوات والأرض تمهيدا له وإيماء إلى انطواء.
المرتضى اعمرشا
قالت وزارة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة الإسبانية، اليوم الخميس (16 ماي)، إن المغاربة يمثلون، لأول مرة، مجموعة العمال الأجانب الأكثر مساهمة في نظام الضمان الاجتماعي... التفاصيل
مثل مؤخرًا أمام محكمة الجنايات في هولندا، لأول مرة، مواطن هولندي من اصل مغربي، بعد توقيفه للاشتباه بتورطه في ست عمليات تصفية بين عامي 2011... التفاصيل
عقد المجلس الجماعي لامزورن، دورته العادية لشهر ماي اليوم الجمعة 17 ماي، تحت رئاسة رئيس المجلس جمال المساوي، بعد تأجيلها في جلستين، لعدم اكتمال النصاب... التفاصيل
أطلقت عمالة إقليم الحسيمة مؤخراً مشروعاً يهدف إلى تهيئة وتوسيع مدخل مدينة الحسيمة، بسبب الاختناقات المرورية التي تشهدها المنطقة خلال فصل الصيف. ويأتي هذا المشروع استعدادا... التفاصيل
تميزت الدورة الخامسة لأيام الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني لهذه السنة، والتي تقام بمناسبة الذكرى ال68 لتأسيس المديرية، بإطلاق منصة رقمية جديدة تحمل إسم... التفاصيل
عدد التعليقات (5 )
-1-
18 مارس 2016 - 18:46
-2-
19 مارس 2016 - 07:18
-3-
21 مارس 2016 - 10:47
في جميع مطارات العالم لا يسمح لهم بصعود إلى الطائرة إلا بعد التدقيق بجهار سكـــــاينر.
-4-
21 مارس 2016 - 12:03
هذا النوع من الطاعة العمياء القائم على الظلم والطغيان ، ينفي انسانية الانسان ، ويخلق حالة من الشك والذعر على مستوى الوطن ، فيسود الكذب ، والنفاق ، والظلم ، والجهل ، والتخلف ، والفساد ، ويدمر الانسان ، وتتهاوى الاوطان ، ويصبح الكل هدفا أو لقمة صائغة لكل عدو أو طامع . في هذه الحالة يدمر المطاع المطيع لان المطيع استسلم ولم يقاوم ، والدليل على ذلك هوالوضع الحالي للشعوب العربية التي تحولت الى تجمعات من العبيد يبيعهم الحاكم العربي هم وأوطانهم في أسواق النخاسة لمن يريد وبالسعر الذي يريد دون أن يعترض أي مواطن على البيع أو الشراء . ( بصراحة لقد اصبحنا مسخرة أمام شعوب العالم وما زلنا نواصل دفن رؤوسنا في الرمال ونخدع أنفسنا بالقول نحن أفضل أمة .
-5-
21 مارس 2016 - 12:56
اخي مرتضى ان دفاعك عن الشواذ والدفاع عن حقهم
في ممارسة رذائلهم وشذوذهم ورفضك لصريح القران في التعدد لهو ضلال وانحراف عن المنهج الرباني والفطرة السليمة.
أضف تعليقك