rif category
rif category

فريد الحمديوي يكتب : الحلم في زمن عكاشة

أخبار 24 ساعة

27 يوليوز 2017 - 22:13

فريد الحمديوي يكتب : الحلم في زمن عكاشة

كانت فرحة عارمة ونحن نتابع على شاشات التلفازأخبار الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية، حين فاز حزب "n zemmaras" بهذه الانتخابات لأول مرة في تاريخ المغرب، بعد أن حقق فوزا كاسحا على باقي الأحزاب السياسية التقليدية التي لم تحصد سوى 10 مقاعد مجتمعة. وبعد أيام عين ناصر الزفزافي رئيسا للحكومة باعتباره أمينا عاما للحزب، وكلف السيد نبيل أحمجيق بحقيبة الاقتصاد والمالية، في حين أسندت وزارة التربية الوطنية لمحمد المجاوي، ووزارة الاتصال لمحمد الأصريحي، ووزارة السياحة لمحمد حاكي، في حين عين محمد جلول وزيرا للخارجية، وبعد مفاوضات عسيرة، تم تكليف المرتضى إعمراشن بتولي حقيبة الشؤون الإسلامية.....

فجأة ارتطمت بالمجانب الأيمن للصندوق الذي كنت نائما فيه، استيقظت مفزوعا، كانت الحافلة قد توقفت بشكل مفاجئ في زحمة سير كما علمت بعد أن استفقت بشكل كامل، كنت أتصبب عرقا، كان الحر فظيعا، والعائلات فوقي تشتكي من كثرة الحر بعد أن أنطلقنا في عز الحر بعد انتهاء الزيارة التي قمنا بها لسجن عكاشة.. جلست متكئا على أحد الجوانب، أستوعب ما يجري حولي، لم أكن أعرف أين أنا بالضبط بحكم المكان الذي كنت داخله، والذي يتواجد تحت مقاعد المسافرين، ولم أكن أرى شيئا، كان ضجيج المحرك مزعجا جدا، لكنني لم أكن أبالي بالضجيج، بالقدر الذي كنت أرغب في أن يستلقي جسدي على أي شيء بعد أن بقيت وكافة المرافقين لي من أفراد عائلات المعتقلين، أكثر من 20 ساعة بلا نوم ولا راحة، ونحن واقفين في عز الحر نباشر الإجراءات التي علينا القيام بها من تفتيش للأمتعة وللزائرين، كإجرا روتيني قانوني تقوم به مديرية سجن عكاشة..

رأيت شابا وشابة، بملامح تشير إلى أنهم من أبناء الدار البيضاء أو النواحي، واستغربت تواجدهم بيننا في تلك الزحمة الخفيفة، تأملتهما من بعيد، ثم قررت أن أسألهما، بعد أن أنهيا إجراءات الزيارة ويهمان بالدخول إلى ممر تفتيش الزوار، استوقفته رفقة صديقي نجيم وسألته: اسمح لي صديقي أن أسأل إن كنت تتحد الريفية أو العربية وإن كان لك أحد أفراد عائلة بالسجن معتقل على خلفية حراك الريف؟

أجابني بأنه لا يتحدث الريف، وانهما أخوان غير شقيقين لجمال مونا.. كانت فرحتي كبيرة وأنحن نتعانق بيننا كأننا أصدقاء التقيا بعد طول غياب..مدت لي الشابة يدها تصافحني، قلت لهما: تشرفت بمعرفتكما.. وعبرت لهما عن فرحتي بهذا اللقاء، كما عبرا هما أيضا عن ذلك، وقالا لي: صراحة أفتخر بأن ألتقي بعائلات المعتقلين وأشاركهم ما يقاسوه ولو بشكل أقل، بحكم أننا نقطن مدينة المحمدية ولا نقطع نفس المسافة التي تقطعونها..

بعد أن تبادل أرقام الهاتف مع نجيم حيدوش، باعتباره عضوا في اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان الحسيمة والناظور، أخبرته بأنني وضعت مبلغا ماليا على حساب جمال مونا في السجن والذي كان مساعدة من صديق لي، وصديق آخر لسفيان.. ثم عانقني من جديد ألأححت عليه بأن يخبر أخاه بقيمة المبلغ حتى يكون على علم به... 

ناداهما أحد الحراس ليلتحقا بطابور العائلات التي اصطفت مستعدة للتفتيش قبل الدخول إلى مكان الزيارة، توادعنا على أمل أن نلتقي قريبا، وأننا سنبقى على اتصال للاستفسار عن أي شيء او لتقديم أي شكل من المساعدة، ابتعدا وهما يلتفتان في كل مرة، والفرحة تعلو وجهيهما، بعد أن تأكدا بأنهما ليسا وحيدين في هذا المصاب، وأن هناك من أبناء الريف من يساعد أخاهما رغم أنهم لا يعرفونه معرفة شخصية... 

شاءت الأقدار أن ألتقي جمال مونا وهو داخل السجن أثناء الزيارة بعد أن دخل في نفس الجموعة التي دخل فيها يوسف الحمدويوي، عانقته بقوة، وهو يبتسم، قال له أخوه: هذا هو الشخص الذي وضع المبلغ المالي باسمك عند مقتصد السجن..عانقني، وقلت له: إن المال ليس لي وبأنني مجرد وسيط، ثم أجابني: أنت وصاحب المال عندي سيان...ثم اغرورقت عيناي بالدموع وتعانقنا وسط ضجيج الكلام، والتصق خدانا من كثرة العرق..

كانت الحافلة تسير بسرعة على الطريق السيار، وأنا مطمور تحت المقاعد، في الحر الشديد، تبللت ملابسي من كثرة العرق، حاولت الوقوف ولم أتمكن إلا بعد جهد جهيد، حتى الخروج منه يحتاج إلى مجهود كبير في الحالات العادية، ما بالك بحالم بفوز في انتخابات، أضغاث أحلام أتمناها أن تتحق...

لما صعدت إلى أعلى، كان معظم أفراد العائلات نيام أو أشباه نيام، كان الإرهاق الشديد باديا على وجوه الأمهات المسنات، والأطفال يشتكون باكين من شدة الحر، رغم أن المكيف ظل مشتعلا، إلا أنه لم يكن يفي بالغرض.. التقطت أول قنينة ماء وجدتها أمامي، أما الشباب الذين كان حظهم الجلوس في المقاعد الخلفية للحافلة، فقد شويت مؤخراتهم من حر المحرك الذي يتواجد أسفل المقاعد التي يجلسون عليها، كانوا شبيهين بدجاجات في فرن شواء... سألت صديقي فؤاد بنزيان: أين نحن؟

أجابني: نحن نقترب من مدينة فاس.. حينذاك تأكدت بأن العذاب سيكون مضاعفا بعد أن نصل واد أمليل، اننا سنقطع نفس المسافة بين تازة والحسيمة بنفس المسافة التي نقطعها بين الدار البيضاء وتازة...إنه طريق جهنم في عز الصيف...

أطلقوا سراحنا رجاء ففي كل مرة أطلب الله أن يبعد عنا شر حادثة سير، حتى لا تزيد الأمور مأساة...وألح على الأمهات المسنات أن يضاعفن من دعواتهن لترافقنا السلامة، حتى نظل أحياء سالمين، ونتمكن من زيارة إخواننا في الزيارة القادمة، والتي نتمناها أن تكون الأخيرة في كل مرة..

بقلم: فريد الحمدوي

عدد التعليقات (0 )

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك

line adsense

هل ستحظى الحسيمة بمرٱب عمومي للسيارات؟

  أصبح غياب مواقف عمومية لركن السيارات بالحسيمة من أكثر المشاكل التي تواجه المسؤولين المحليين وحركية السير والجولان خلال موسم الصيف بالرغم من وجود ساحات واسعة... التفاصيل

الحسيمة.. افتتاح فعاليات الملتقى الإقليمي للتوجيه المدرسي والمهني والجامعي

  تم اليوم الاربعاء 15 ماي، بقاعة 3 مارس بمدينة الحسيمة، افتتاح الملتقى الإقليمي للتوجيه المدرسي والمهني والجامعي في نسخة الخامسة عشر. وينظم الملتقى الإقليمي للتوجيه المهني... التفاصيل

بعد دفنه.. استخراج جثة مسن توفي إثر شجار بايت قمرة

 بعد دفنه قبل أيام تم اليوم الاربعاء استخراج جثة مسن كان قد توفي إثر تعرضه لاصابات اثناء شجار مع جاره بدوار ازفزافن بجماعة ايت قمرة. وحسب... التفاصيل

الحسيمة.. درك النكور ينهي نشاط مروج مخدرات مبحوث عنه وطنيا

 تمكنت عناصر المركز الترابي للدرك الملكي بالنكور ، من توقيف مروج مخدرات يشكل موضوع 6 مذكرات بحث على الصعيد الوطني من طرف الدرك الملكي و... التفاصيل

جنايات الحسيمة تدين والد المتهم في جريمة اصفيحة وتحكم عليه بعقوبة مشددة

 ادانت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالحسيمة، والد المتهم الرئيسي في جريمة القتل التي راح ضحيتها شاب بشاطئ اصفيحة الصيف الماضي، وحكمت عليه بعشر سنوات... التفاصيل

line adsense