rif category
rif category

إشكالية التقويم في ظل التعليم بالتناوب

كتاب الرأي

15 يناير 2021 - 21:16

إشكالية التقويم في ظل التعليم بالتناوب

يأتي مقالنا هذا لمناقشة إشكالية التقويم في ظل التعليم بالتناوب في سياق المعاناة التي أصبحت تواجه  الأستاذات والأساتذة لاستكمال إجراء الفروض الكتابية.

فمقرر وزير التربية الوطنية والتكوين المهمني والتعليم العالي والبحث العلمي رقم 029.20، الصادر بتاريخ 05 غشت 2020، والمذكرة الوزارية رقم 20*039 بتاريخ 28 غشت 2020 في شأن تنظيم السنة الدراسة 2020/2021 في ظل جائحة كورونا، فيهما نوع من الغموض وغياب المنطق مع غلبة لغة الشعارات. فالمذكرة الوزارية السالفة الذكر هي التي حددت نمط التعليم القائم على الموازنة بين الحضوري و" التعلم الذاتي"، وهي نفسها التي حددت تاريخ إجراء الفروض وتاريخ مسكها في منظومة مسار.

فالتعليم بالتناوب القائم على تفييء وتفويج كل قسم إلى اثنين يعني إنجاز نصف  الدروس المقررة، هذا  إذا افترضنا جدلا  أن هناك سيرا عاديا للتحصيل الدراسي، هنا نتساءل  لماذا لم يتم إصدار مذكرة تقلص من عدد الفروض في كل دورة، علما أن المذكرة  رقم 039.20 نصت في الصفحة السادسة  في باب "المراقبة  المستمرة" على مايلي " سيتم تأطير عملية المراقبة المستمرة عبر مذكرة  ستصدر لاحقا قي الموضوع". فأين هذه المذكرة؟ ومن ثم  كيف يعقل لمدرس اللغة الفرنسية  مثلا إنجاز أربعة فروض أو مدرس الاجتماعيات إنجاز ثلاثة فروض في ظل التناوب؟. فهل التقويم يعني منح النقطة للمتعلم  ومسكها في مسار استجابة للمذكرة فقط؟ أم أن للتقويم غايات أخرى؟

مما لا شك فيه أن التقويم- خاصة الفروض الكتابية- يعد  أحد أبرز محطات في سيرورة التعلم، الأمر الذي تؤكده كل الوثائق التربوية المؤطرة له. فالتقويم في المظومة التربوية غدا إشكالية تنطوي عليها  صعوبات كبيرة يحتاج " إلى التفكير في السياسة التربوية للبلاد ورهاناته وملامح الانسان والمجتمع الذي نريد خلقه من خلال المناهج والبرامج المعدة لهذه الغاية".

فالتقويم يعتبر "اللحظة البيداغوجية التي لا تختبر فيها قدرات ومهارات وكفايات المتعلمين فحسب، بل أن المنظومات التربوية نفسها تكون موضوعا للمساءلة واختبار الفعالية والجدوى أمام نتائج التقويم الذي يعاش" في المؤسسات التعليمية المغربية.

ومن ثم فالفروض الكتابية  باعتبارها أساسا للمراقبة المستمرة ويمكن اعتبارها أيضا أكبر محطة وأهمها في مسار  تقويم المتعلمين ، فإنها ليست مجرد عملية شكلية  في حياة  المتعلم والمدرس، فهي بالنسبة للتلميذ بمثابة لحظة بيداغوجية لإعادة تمثيل مسار الفهم والإدراك وبناء المعرفة الذي يعيشه داخل الفصل .ومن جهة أخرى، تشكل فروض المراقبة المستمرة  فرصة للمدرس " لامتلاك القدرة – في ما يشبه الوعي الذاتي- على إعادة النظر  في خطواتها ( أي الممارسة) من الناحية المعرفية والبيداغوجية والديداكتيكية " .

إذا كانت "التوجيهات الخاصة بتدريس  المواد الدراسية تؤكد على ضرورة أن يكون التقويم في الكفايات ملازما لفعل التعليم "، فإن واقع الممارسة الفصلية  لا يؤكد هذه الوظيفة المثالية المرسوم لفعل التقويم. وإلا فما معنى  تقويم التلميذ ثلاث أو أربع مرات  في نفس المعرفة  ونفس الأفكار ؟ طبعا  الهدف من خلال المعاينة والممارسة هو تلبية رغبة " مسار " لا أكثر.

وهو ما يبين بجلاء أن منظومتنا التربوية تحولت بكاملها إلى رهينة في قبضة التقويم، وهو الأمر الذي يؤدي بالمدرس إلى إنجاز رغما عنه عدد الفروض التي تنص عليها التوجيهات التربوية والمذكرات المنظمة لها. وهو ما  يدفعنا إلى التساءل أيضا، كيف يمكن للأستاذ (ة) بناء تقويم قائم على " التصور الديداكتيكي  المؤسس على  بيداغوجيا  الكفايات" في ظل هذا الوضعية؟...وبالتالي فالمدرسة المغربية  بقيت إلى حدود الأن تجر معارف وأنماط سلوكية تتعارض مع الشعارات التي تحملها الدولة"من أجل مدرسة متجددة ومنصفة ومواطنة ودامجة".

لقد أصبح واقع الممارسة التعليمية يطغى عليه هاجس الإنجاز والتقويم لا التكوين، ربما من هنا تولد ذلك الانطباع بأن الأستاذ الناجح هو الذي ينجز دروسه داخل الغلاف الزمني الضيق المحدد لها، فهل المدرس الذي ينجز دروسه ولو في نصف الحيز الزمني ( التعليم بالتناوب) هو أستاذ(ة) ناجح في سرعة الانجاز – بالغض النظر عن مدى فهم المتعلمين-  أم في جودته؟ لكن منطق المؤسسة لا يقبل بهذا النوع من الأسئلة.

" لذلك يجد  المتعلم المنحدر من الأوساط الفقيرة نفسه أمام نشاط فاقد للمعنى وفي وضع يبعث على القلق والضجر والنفور والاحساس بالضياع وكل المشاعر السلبية" ، لا يبقى له  من سلاح لإثبات الذات إلا الغش. وبالتالي اللجوء إلى الغش كوسيلة للحصول على النقط. 

لا شك أن هذا الأمر " هو تعبير عن أزمة هوية لدى المتعلم الذي يقضي وقتا طويلا من حياته بين التلاميذ داخل المدرسة يحمل كتبا بدون قراءة وبدون كتابة..." . ناهيك عن غياب عدالة تعليمية،  وانعدام تكافئ الفرص، فمئات المؤسسات في العالم القروي أغلقت أبابوبها نظرا للتساقطات الثلجية في مختلف جبال التراب المغربي وذلك انساجما مع الأسبوع الأخير من  الأسدس الأول المخصص لانجاز الفروض، فبقي المدروس – في غياب اصدار مذكرات  قصد ايجاد حل وانقاذ الوضعية - يتساءلون عن كيفية منح النقط في ظل استمرار تعليق الدراسة في مختلف المناطق القروية.

في الأخير علينا أن نقر، أن النظام التعليمي  الحالي بالمغرب- خصوصا في السنوات الاخيرة- أضحى يخلق إنسانا مضطربا ومرتبكا..وأن التقويم في حاجة إلى إعادة نظر باعتباره ركيزة أساسية لتقييم المتعلم.

نور الدين مشاك

أستاذ التعليم الثانوي 

المراجع المعتمدة:

- مقرر وزير التربية الوطنية والتكوين المهمني والتعليم العالي والبحث العلمي رقم 029.20، الصادر بتاريخ 05 غشت 2020 .

- المذكرة الوزارية رقم 20*039 بتاريخ 28 غشت 2020 في شأن تنظيم السنة الدراسة 2020/2021 في ظل جائحة كورونا.

- : عبد المجيد لعماري، إشكالية التقويم في المنظومة التربوية المغربية" مجلة علوم التربية عبر الرابط التالي: http://search.shamaa.org/PDF/Articles/MOSe/SeNo63Y2015/se_2015-n63_050-061.pdf. تاريخ التصفح 15/01/2021.

عدد التعليقات (0 )

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك

line adsense

المديرية العامة للأمن الوطني تحدث المنصة الرقمية الجديدة “إبلاغ” لمحاربة الجرائم الرقمية

 تميزت الدورة الخامسة لأيام الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني لهذه السنة، والتي تقام بمناسبة الذكرى ال68 لتأسيس المديرية، بإطلاق منصة رقمية جديدة تحمل إسم... التفاصيل

الناظور .. افتتاح فعاليات النسخة 12 من معرض "بلادي" بمدينة العروي

 أشرفت مساء يوم الخميس 16 ماي 2024 جمعية الوحدة لمغاربة العالم على افتتاح فعاليات الدورة 12 من معرض بلادي الذي تنظمه الجمعية بدعم من دار... التفاصيل

الاجهاز على الثروة السمكية باقليم الحسيمة.. جمعيات تدق ناقوس الخطر

 استنكرت تنظيمات جمعوية، ما اسمتها بالمجازر التي ترتكب في حق الثروة البحرية والبيئة البحرية، بسواحل اقليم الحسيمة. وعبرت كل من جمعية ثامونت للثقافة والأعمال الاجتماعية والسياحة... التفاصيل

رصد 600 مليون لتهيئة سوق الجملة للسمك بمدينة الحسيمة

 رصد المكتب الوطني للصيد ميزانية تقدر بحوالي 600 مليون سنتيم، لتهيئة سوق السمك بالجملة في مدينة الحسيمة، وهو المشروع الذي صادق عليه المجلس الاداري للمكتب... التفاصيل

تأسيس فرع نقابي لمهنيي سيارات الأجرة الكبيرة بجماعة النكور والنواحي

 احتضنت دار الشباب بدوار امنود بجماعة النكور، اليوم السبت 18 ماي، الجمع العام لتأسيس نقابة مهنيي سيارات الأجرة من الصنف الاول فرع (النكور والنواحي)، بحضور... التفاصيل

line adsense