English French German Spain Dutch

rif category

قيم هذا المقال

5.00

  1. الحسيمة تواصل تصدر قائمة المدن الاكثر غلاء (0)

  2. الرد القمعي للجزائر على مطالبات القبايليين (0)

  3. الحسيمة.. مياه الصرف الصحي تنغص حياة ساكنة مركز تماسينت (0)

  4. الحسيمة.. موظفو الجماعات الترابية يشلون الإدارات لثلاثة ايام (0)

  5. رأي : محمد بن عبد الكريم الخطابي .. أصله و نسبه (0)

  6. الحسيمة.. مشروع لتهيئة طرق بجماعتي امرابطن وايت يوسف وعلي (0)

  7. مكناس.. افتتاح الدورة الـ 16 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب (0)

الكلمات الدليلية:

لا يوجد كلمات دليلية لهذا الموضوع

الرئيسية | أخبار 24 ساعة | محنة ... صمود ... هي الحسيمة

محنة ... صمود ... هي الحسيمة

محنة ... صمود ... هي الحسيمة

أعادتني المحنة الزلزالية التي ترزح تحت وطأتها بعض مدن الشمال في المدة الأخيرة إلى استذكار وقع  الهزة / الصدمة الأولى بداية تسعينيات القرن الماضي صباح يوم   الخميس 26/05/1994 ، فشرعت في البحث والنبش في أوراقي المبعثرة  عما يوثق لذاك الحدث الذي ظلت المنطقة تعيش تداعياته المسترسلة على مدار 22 سنة ولا تزال ... فوقعت يداي على هذه المسودة لخاطرة ، لم تكتمل ، شرعت في كتابتها (وأنا ضمن تجربة حقوقية AMDH  لم تكن قد مضت على انبثاقها بالحسيمة وقتذاك سوى 4 سنوات )...خاطرة  ، معززة برسم كاريكاتوري للفنان محمد حستي ،ظلت شاهدة على طراوة المأساة وآثارها النفسية والاجتماعية على الإنسان والمجال بريفنا العزيز .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ü     الجمعة 27 ماي 1994

" هزة عنيفة بشمال المغرب(...) قتيلان وعديد من الجرحى بالحسيمة.." (1)

" مارسيل خليفة يحيي أمسية غنائية في الهواء الطلق بأكادير..."(2)

بهذا، تطالعنا افتتاحيات صحف هذا الصباح ! يالها من مفارقة / سخرية الأقدار تثبت تحديها لكل من اعتقد في الثبات البارمنيدي (3( ..إنها الهزة الأكاديرية* عينها التي اهتزت لها أفئدة العالم سنة 1960 وهي الآن تستعيد جبروتها في أقصى شمال جغرافية هذا الوطن / الحسيمة ،  لتعلن ، بتلقائية خارقة توأمة المدينتين خارج طقوس الجيولوجية المؤدلجة والمشروطة !

 " الحسيمة منطقة زلزالية " ! انفلتت العبارة من عقالها ليحدث وقعها أعنف هزة في وجدان الساكنة اضطرت معه لشد الرحال إلى المجهول ما عدا الهنا : الحسيمة / البعبع ! التي تم اجتثاثها ـ عقب تلك النشرة المسائية السيئة الذكر ـ من صلب جغرافية العالم وتضاريسه ، لتعلَن هكذا ...وعاء لكل كوارث الأرض ومصائبها ، ولتغدو ، بالتالي ، " المدينة الزلزالية " بامتياز ، ببراعة وحنكة خبراء إعلامنا المسخر، ضدا على قانون الكون والطبيعة .

"...ومع ذلك فهي تدور" صاح يوما غاليلي في وجه أنصار الجحود والجمود المنغمسين في ظلامية الكنيسة ،  ليعود لسان حالنا نحن  ، هنا والآن ، يقول " ومع ذلك فهي تهتز " اهتزازا فرض قيمه ومسلكياته التي أضحت تؤطر يوميات الزلزال بكل ثقلها وعنفها المستديم ...

التحمت الذوات بالحدث في علاقة حميمية حد الحلول الصوفي ! فترى الصبية تنادي مهرولة يمناها مثقلة ب" جرائد الزلزال"* ويسراها بعلب السجائر الأمريكية ..وأولاءك يتسابقون للفوز ببطائق " الفاكس" القادمة من الضفة الأخرى (إسبانيا) معلنة حدة الهزات ومصادرها وكذا درجاتها الريشتيرية* المتفاوتة الخطورة ، عسى أنها تزيل عنا وعنهم شدة الكرب وتخفف عن الجميع وطأة وهول الكارثة ...

كل شيء مسكون بسنة الزلزال ! وأنت تتقاسم وزميلك جلسة في المقهى المجاور ، عليك  أن " تحاصر حصارك " (درويش) وألا تنزعج لاهتزاز فنجانك والتحام الموائد حواليك !!! امتلك جوارحك ، ثابر واستأنف حديثك عن جديد المرصد الإسباني  لهذا الصباح ...

في خضم كل هذا ، تصلك أنباء البوادي المتقاربة / المتباعدة ..اعتصامات معززة بمطالب المتضررين في الإيواء والتغذية والتطبيب والتعويض ...و ...و يكبر حجم المناطق المتضررة بحجم كبرياء أبنائها : إزمورن ، ثماسينت ، أيث قمرة ،آيث عبد الله ، ثافنسة ، آيث بوفراح ، رواضي ، سنادة ، أيث احذيفة ....مواجهات وردع متفاوت القساوة يمتزج بقساوة الطبيعة ليغدو هذا المواطن / الإنسان الضحية الأولى والأخيرة ...إنه" أول القتلى وآخر من يموت .." (درويش)

طقوس هي التي ابتدعها حدث الزلزال ...تنسلخ المدينة عن / من جلدها  لتنسحب في صمت إلى الحدائق والغابات معلنة انبثاقها عنوة هناك !! الخيام تتناسل ..ووقع الكارثة يكبر ويكبر ويكبر إلى 

أن يصير سفينة في الأفق على أهبة الإبحار صوب المجهول على نشيد ونغمات ربابنتها الذين ظلوا يرددون :

أبيا الحسيمة ثَزّرْزْ أَفَارْ إنَسْ ***** ثُزّرْ خَرْبَرَاني ثَجّا أيَثْبَابْ إنَسْ...

تزداد العناية بالحدث من لدن أهل الخبرة والخبر والإخبار ! تتزركش الصحف ب" كرنفال المأساة وطقوس حماتشة لتلد طابورا من الذين تعج بهم جنبات (الأكشاك) المكتبات عندنا كل صباح ...يتلون الحدث وفق مهارة وذوق الصباغ / الصحفي المحترف : يفلكلره  تارة ويسيسه ويؤدلجه تارات أخرى  ..

منذ البدء ، تجندت أطر وفعاليات AMDH بالحسيمة ، عاينت الحدث في الزمان والمكان ..بيانات ، مراسلات و عرائض ..ظلت تتدفق منذ الاهتزاز الباكر ..موقع الفرع يغص بذوات كلها عشق وشغف للعمل ولاستزادة الأدوار والمهام ...لم يكد يمضي اليوم الأول ، حتى كانت أهوال الكارثة معكوسة على جدران المقر في شكل صور ناطقة بحرارة المأساة ! هي ذي البوادي بمعالمها التاريخية التي قاومت أعاصير الأزمنة الجيولوجية ووحشية الغزوات .. تتهاوى في رمشة عين أمام غدر الكارثة ... !!!

يغتني جدول  الأعمال بازدياد العرائض وصيحات المنكوبين التي ظلت ترد تباعا ...إنها زبدة التضحية ونكران الذات التي فرضها الحدث على الصاهرين على حماية قاطرة حقوق الإنسان من الزيغان....

حساسية مفرطة تجتاح كل مهووس بحسابات عابرة  ! تغفو الأبصار من سباتها لتنتصب إزاء هذا المسؤول أو ذاك ، بغية اقناص الفرصة / الغنيمة !! إنه الزلزال ، الحدث الذي هيج وعكر رواسب الاخفاقات الانتخابية لمن يهمهم أمرها  محليا على الأقل ...

على صفحات بعض الجرائد اليومية من تفنن في الوصف والمعاينة :  فهذا مسؤول يظهر ويختفي على طريقة ثعلب زفزاف * يوزع الخبز والحليب على المنكوبين حينا ثم يتوارى إلى الأبد .. 

نرجسية نفاثة استهدفت التحكم في الكارثة والانفراد بالنازلة ، كما تعكسها تلك العبارة الساطعة على منشيط إحدى الجرائد " الوطنية": " لا يقف إلى جانب هؤلاء السكان ،غير صحف ومناضلي الأحزاب الديمقراطية الثلاث ..." ! (4)   هكذا يتدنس الحدث برجس الأدلوجة ليعدو حصان طروادة الذي سرعان ما أوقع هذه المرة بصاحبه أسفله " كجلمود صخر حطه السيل من عل "(5) بفعل عنف اهتزاز الأرض من تحت قوائمه !!!

ü     صباح الجمعة 11/06/1994

انعمتم صباحا أحبتي ...تنبعث الحسيمة من بين أجنحة العدم صامدة شامخة كانبعاث طير الفينق من الرماد  .سحنات البشرى تعلو ابتسامات الصباح الممزوجة بترقب مضمر ...تنسحب القيم الزلزالية تدريجيا لتحل محلها العادة والطمأنينة الحذرة ..يتضاءل وقع الهزات ويخبو ...لا صوت يعلو فوق انفجارات الديناميت التي ظلت تمزق أحشاء المدينة  منذ زمن طويل عبر مقالع الأحجار بالميناء وسيدي عابد وإزفزافن وثموجوت وبوسلوف...نعم تعودنا معايشة انفجارات الديناميت عبر هذه المقالع المحيطة بالحسيمة من كل حدب وصوب رغم أثرها المدمر للبيئة وللبنية الصخرية للمنطقة  لما يحدثه  تكرار الانفجار وديمومته من شقوق وتصدعات  في المباني ...دون أن نعي وقتها بأننا إزاء تمرين وتدريب الأكباد والأجساد على استقبال حدث الخميس 26ماي 1994 بصدر رحب وعناد مستميت .....ومع ذلك فهي ......

محمد الزياني : من يوميات زلزال 1994

 

·        هوامش:

1 ـ جريدة الميثاق الوطني  : الجمعة 27ماي 1994

2 ـ جل الصحف الصادرة صباح نفس يوم 27 ماي 1994 ركزت على حدث زيارة الفنان اللبناني مارسيل خليفة لبلادنا وقيامه بجولة عبر بعض المدن ومنها أكادير.

3 ـ نسبة إلى إحدى أهم الشخصيات الفلسفية التي اوردها أفلاطون في محاوراته على لسان سقراط عاش في القرن 6 قبل الميلاد...والقائل بالوجود الثابت الغير المتطور...وهو القائل بأن الوجود الحقيقي واحد وابدي وثابت ولا ينقسم وخال من اخواء)

* نسبة إلى مدينة أكادير التي ضربها الزلزال بتاريخ 29 فبراير 1960 على الساعة 11 ليلا و41 دقيقة انهارت بفعله المدينة عن آخرها .

4 ـ . السنبالي : جريدة أنوال ليوم الجمعة 3 يونيو 1994

*كان الباعة المتجولون يسمون بعض الجرائد الوطنية التي واكبت الحدث ب " جرائد الزلزال"

* إشارة إلى رواية " الثعلب الذي يظهر ويختفي " لمحمد زفزاف.

5        ـ  من قصيدة لامرئ القيس ...

مشاركة في: Twitter Twitter

الإشتراك في تعليقات نظام RSS عدد التعليقات (0 )

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك

المرجو عدم تضمين تعليقاتكم بعبارات تسيء للأشخاص أو المقدسات أو مهاجمة الأديان و تحدف كل التعليقات التي تحتوي على عبارات أو شتائم مخلة بالأداب....

للكتابة بالعربية

rif media